هزّت عملية “سرقة اللوفر” أركان الوسط الثقافي الفرنسي، بعدما اختفت مجموعة من المجوهرات التاريخية التي تعد من أثمن الكنوز الملكية في البلاد، في عملية وُصفت بأنها “الأجرأ والأكثر غموضاً” منذ عقود.
السرقة التي طالت معروضات نادرة من مقتنيات الملكة ماري-أميلي والإمبراطورة ماري-لويز وأوجيني، تضمنت تيجاناً وعقوداً وبروشات فاخرة مرصعة بالزمرد والماس، كانت تمثل إرثاً فنياً يوثق فصولاً من تاريخ فرنسا الإمبراطوري. وحده تاج أوجيني نجا من المصير المجهول، بعدما عُثر عليه أثناء فرار اللصوص، ويخضع حالياً لفحص دقيق من قبل وزارة الثقافة الفرنسية لتقييم حالته بعد الحادث.

تصف السلطات الفرنسية هذه الجريمة بأنها “ضربة موجعة للذاكرة الوطنية”، إذ يصعب تقدير القيمة المادية للمجوهرات المسروقة، كونها تحمل بصمة فنية وتاريخية تتجاوز حدود الذهب والأحجار.

وفي أعقاب الحادث، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية عن تعبئة أكثر من 60 محققاً من وحدات متخصصة في مكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالقطع الثقافية، في محاولة لاستعادة القطع قبل تهريبها أو تفكيكها.

التحقيقات، التي تقودها المدعية العامة في باريس لور بيكوا، تتجه في مسارين محتملين: الأول، أن السرقة نُفذت بتكليف من جهة راعية أو جامع تحف يسعى لاقتناء القطع سراً، والثاني أن الهدف منها هو تفكيك المجوهرات لتبييض الأموال عبر بيع الأحجار الثمينة في السوق السوداء.

ويؤكد رئيس دار المزادات “دروو”، ألكسندر جيكيلو، أن بيع تلك القطع بحالتها الأصلية “شبه مستحيل”، نظراً لتوثيقها الدقيق وشهرتها الواسعة عالمياً. ويضيف “كل حجر في هذه المجوهرات يحمل بصمة مميزة يمكن بواسطتها تحديد مصدره وزمن صقله، مما يجعل بيعه مخاطرة مكشوفة.”

غير أن الخبراء يحذرون من احتمال تذويب الذهب وتشويه الأحجار لتسهيل تصريفها، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الذهب التي تجاوزت 4000 دولار للأونصة، مما يجعلها مطمعاً مغرياً لشبكات الجريمة المنظمة.

ويبدو أن الوقت لا يعمل لصالح المحققين، فكل يوم يمر يقلل فرص استعادة القطع بحالتها الأصلية. فقد أشار أحد المحققين إلى أن “الألماس قد يُباع حجراً بحجر، ما يجعل تتبعه وإعادة تجميعه لاحقاً أمراً شبه مستحيل”.

وبين فرضية الجريمة المدبرة لغرض اقتناء خاص، واحتمال التفكيك من أجل غسيل الأموال وتجارة الأحجار الثمينة، يبقى مصير مجوهرات اللوفر معلّقاً في دهاليز الغموض، وسط ترقب فرنسي ودولي لاستعادة إرث ملكي لا يُقدر بثمن.