واضح – اقتصاد
يشكّل حقل الغراف النفطي نقطة ضوء مهمة بالنسبة لقطاع النفط والغاز في العراق من جهة، وبالنسبة لقطاع الكهرباء في البلاد من جهة أخرى، كما أنه يعدّ جزءًا مهمًا من إستراتيجية بغداد الاقتصادية لتطوير القطاع.
وبحسب بياناته، فإن الحقل يتميز بإمكانات ضخمة، تسهم في تعزيز الإنتاج الوطني من النفط الخام، الذي تعتمد عليه الدولة بصفته مصدرًا رئيسًا للدخل القومي.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يشهدها العراق على مدى السنوات الـ20 الماضية، فإن الحكومة -متمثلة في وزارة النفط- تسعى إلى تطوير حقل الغراف، وزيادة إنتاجه لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
يشار إلى أن إستراتيجية وزارة النفط العراقية تستهدف الوصول بحجم إنتاج البلاد من النفط الخام بحلول عام 2027 إلى نحو 8 ملايين برميل يوميًا، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، من خلال استغلال الغاز المصاحب في الحقول النفطية.
معلومات عن حقل الغراف النفطي
اكتُشف حقل الغراف النفطي للمرة الأولى في عام 1984، وذلك خلال جهود التنقيب عن النفط في جنوب العراق، وتحديدًا في محافظة ذي قار، على بعد 5 كيلومترات شمال غرب قضاء الرفاعي.
ويقع الحقل العراقي العملاق على بعد 9 كيلومترات جنوب شرق مدينة قلعة سكر، وعلى بعد نحو 85 كيلومترًا شمال مدينة الناصرية، وهو عبارة عن منطقة يبلغ طولها 17.5 مترًا، بينما يصل عرضها إلى نحو 5.5 كيلومترًا.
ويعدّ حقل الغراف من الحقول النفطية الكبيرة التي لم تُستَغَلّ بشكل كامل منذ اكتشافه، وخصوصًا خلال السنوات الأخيرة، وذلك بسبب الأوضاع السياسية والحروب ضد الإرهاب واحتلال بغداد وغيرها من الأحداث التي شهدتها البلاد.
وعلى الرغم من ذلك، بدأت الحكومة تولي الحقل اهتمامًا كبيرًا منذ عام 2003، وهو العام نفسه الذي شهد الغزو الأميركي للعراق، إذ وضعت وزارة النفط خططًا لتطوير الحقل واستغلال موارده النفطية الكبيرة.
ويعدّ حقل الغراف مثالًا بارزًا على الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية بالتعاون مع شركات النفط العالمية لتحسين البنية التحتية للصناعة النفطية وتعزيز العوائد المالية، إذ إنه منذ بدء استغلاله شهد تطورات ملحوظة في مجالات الإنتاج والتطوير.
احتياطيات حقل الغراف
اختلفت مراحل إعلان احتياطيات حقل الغراف النفطي باختلاف مراحل تطويره، إذ إنه لدى اكتشافه كانت احتياطياته تُقدَّر بنحو 863 مليون برميل من النفط الخام، ولكن بعد بدء جهود التطوير في عام 2003 بلغ حجم هذه الاحتياطيات نحو 1.3 مليار برميل.
وفي عام 2017، أعلنت شركة بتروناس الماليزية المطورة للحقل بالتعاون مع شركة جابكس اليابانية، أن الاحتياطيات الموجودة في الحقل ارتفعت إلى 4 مليارات برميل من النفط الخام، قبل أن يعلن محافظ ذي قار في عام 2022 أن الاحتياطيات بلغت 5.7 مليار برميل.
بالإضافة إلى ذلك، يحتوي حقل الغراف النفطي على كميات ضخمة من الغاز المصاحب، التي قدّرتها شركة بتروناس بنحو 47 تريليون قدم مكعبة، وهو ما يسهم بدور مهم في تغطية جزء كبير من احتياجات محطات الكهرباء العراقية.
يشار إلى أن الإنتاج التجاري من الحقل النفطي بدأ في شهر أغسطس/آب 2013، بقدرة إنتاجية متواضعة بلغت نحو 35 ألف برميل يوميًا، ولكن مع تواصل عمليات التطوير، زادت هذه الطاقة الإنتاجية إلى 100 ألف برميل، ثم 170 ألف برميل بحلول عام 2020.
وتستهدف وزارة النفط العراقية، بالتعاون مع شركتي بتروناس الماليزية وجابكس اليابانية، زيادة الطاقة الإنتاجية للحقل إلى أكثر من 240 ألف برميل يوميًا، وذلك بحلول نهاية العام المقبل 2025.
جهود تطوير حقل الغراف
شهدت جهود تطوير حقل الغراف النفطي في العراق أعمالًا مكثفة واستثمارات كبيرة على مدى السنوات الـ20 الماضية، إذ ضخّت الشركات المتعاونة مع وزارة النفط في تطوير الحقل كثيرًا من الاستثمارات في عمليات التطوير والتنقيب.
وتضمنت عمليات التطوير حفر آبار جديدة، وتحديث البنية التحتية، وإنشاء محطات لمعالجة النفط الخام، بالإضافة إلى تنفيذ خطط لاستعمال تقنيات حديثة لزيادة كفاءة الإنتاج، واستخلاص أكبر كمية ممكنة من الاحتياطيات.
ومن أبرز مبادرات التطوير التي قامت بها الشركات المشغّلة، إنشاء خطوط أنابيب حديثة لنقل النفط إلى المواني التصديرية، واستعمال تقنيات الحفر الأفقي لزيادة إنتاج الآبار، وتطوير محطات معالجة الغاز المصاحب.
يشار إلى أن عمليات التطوير وزيادة الإنتاج في حقل الغراف النفطي العراقي، تتولاها شركتا بتروناس الماليزية وجابكس اليابانية، ضمن عقد خدمة وُقِّعَ مع وزارة النفط العراقية، إذ تسهم هذه الشركات بخبراتها التقنية والمالية في تطوير الحقل، وضمان استدامة إنتاجه بما يتماشى مع معايير الصناعة العالمية.
وبفضل هذه الجهود، يعدّ حقل الغراف النفطي حاليًا أحد المحاور الرئيسة لإستراتيجية العراق النفطية، كما تصنّفه الدولة حقلًا واعدًا بإمكانه الإسهام في تعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة صادرات النفط الخام.
بالإضافة إلى ذلك، فإنه بفضل الجهود المشتركة بين الحكومة العراقية وشركتي بتروناس الماليزية وجابكس اليابانية، يمكن للحقل النفطي العملاق أن يتحول إلى نموذج مهم للتطوير المستدام في قطاع النفط العالمي.