تتسع دائرة التكهنات يوماً بعد يوم حول ما يُقال إنه "سباق خفي" بين أثرياء قطاع التكنولوجيا لبناء ملاجئ سرية استعداداً ليوم غامض قد يشهد انهيار النظام العالمي أو اندلاع حرب كبرى، أو حتى ثورة الذكاء الاصطناعي.
ففي جزيرة كاواي بهاواي، يشيّد مؤسس "ميتا" مارك زوكربيرغ مجمعاً مترامياً على مساحة تفوق 1400 فدان، يُعتقد أنه يضم ملجأً ضخماً مزوداً بإمدادات طاقة وغذاء تكفي لسنوات. ورغم نفي زوكربيرغ المتكرر لذلك، فإن ما كشفته مجلة وايرد حول اتفاقيات عدم الإفصاح التي فُرضت على العاملين بالموقع، والجدار الذي يحيط بالمشروع بارتفاع ستة أقدام، يثير المزيد من الغموض.
وفي الوقت نفسه، تشير تقارير إلى أن زوكربيرغ اشترى 11 عقاراً في حي كريسنت بارك بولاية كاليفورنيا، وأضاف إليها مساحات تحت الأرض تُوصف بأنها "كهف باتمان للأثرياء"، ما عزز الاعتقاد بأن وراء هذه الإنشاءات ما هو أبعد من مجرد "أقبية تخزين".
ولا يقتصر الأمر على زوكربيرغ وحده، فعدّة من رموز التكنولوجيا يسلكون النهج ذاته، بينهم ريد هوفمان، مؤسس "لينكد إن"، الذي تحدث علناً عن "الاستعداد لنهاية العالم"، مشيراً إلى أن ما لا يقل عن نصف الأثرياء يملكون ملاجئ خاصة، وغالباً ما يختارون نيوزيلندا وجهةً لهم لما توفره من أمان وبعدٍ عن الاضطرابات.
وتتخذ هذه التحركات بعداً أكثر إثارة حين تُربط بمخاوف قادة الذكاء الاصطناعي أنفسهم. فإيليا سوتسكيفر، كبير العلماء في شركة "أوبن إيه آي"، أبدى قلقاً متزايداً من تسارع تطور الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو المستوى الذي قد تتجاوز فيه قدرات الآلات حدود الذكاء البشري.
وبحسب ما ورد في أحد الكتب الحديثة، فإن سوتسكيفر اقترح في اجتماع داخلي إنشاء "ملجأ خاص" لعلماء الشركة قبل إطلاق تلك التقنية للعالم، قائلاً: "سنقوم ببناء ملجأ قبل أن نطلق الذكاء الاصطناعي العام"، في عبارة تعكس حجم القلق الذي يساور مطوري التقنية ذاتها.
وتتلاقى هذه المؤشرات لتطرح تساؤلات مقلقة: هل يخشى قادة التكنولوجيا فعلاً من كارثة وشيكة؟ أم أنهم يتهيأون لمستقبلٍ يعتقدون أن البشر قد يفقدون السيطرة عليه؟
مهما كانت الإجابة، فإن العالم بات أمام مشهد تتقاطع فيه الثروة والذكاء الصناعي والهواجس الوجودية في لوحةٍ واحدة عنوانها: "الاستعداد ليومٍ لا نعرف متى يأتي".