وسط تصاعد الضغوط السياسية وتعقّد مفاوضات إنهاء الحرب في غزة، تواجه المساعي الأمريكية بقيادة المبعوث الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، منعطفًا حرجًا. فبعد أشهر من الجهود الدبلوماسية، بدأت تتكشف ملامح "الفخ السياسي" الذي نصبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق تقارير إسرائيلية تحدثت عن إخفاقات متراكمة في مسار المفاوضات، وفشل التفاهمات حول صفقة تبادل الرهائن.

ويتكوف، الذي تولى منصبه مطلع هذا العام بديناميكية لافتة، كان يعتقد أن أدوات التفاوض السياسي لا تختلف كثيرًا عن صفقات العقارات، لكنه وجد نفسه، كما تشير التقارير، غارقًا في تفاصيل معقدة، ومواجهة مباشرة مع تكتيكات مراوغة اعتاد نتنياهو استخدامها لإطالة أمد الحرب ورفض أي حلول متوازنة.

وعلى الرغم من نجاحه السابق في الدفع باتجاه توقيع اتفاق أولي في يناير الماضي، إلا أن المبادرات الأخيرة التي طرحها بشأن وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، اصطدمت بجدران صلبة، نتيجة لتشبث الحكومة الإسرائيلية بمطالب تعجيزية، وفشل المساعي المشتركة مع مصر وقطر في تحريك المياه الراكدة.

اللافت أن تصريحات ويتكوف الأخيرة أمام عائلات الرهائن أثارت جدلًا واسعًا، بعد أن أعلن عن استعداد حماس للتخلي عن السلاح، وهو ما نفته الحركة سريعًا، مؤكدة أن السلاح خط أحمر حتى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.

في المقابل، تشير المعطيات إلى أن واشنطن بدأت تعيد تقييم أدواتها في المنطقة، وتسعى لسحب ملف المساعدات الإنسانية من قبضة اليمين الإسرائيلي المتشدد، خاصة في ظل الفشل في احتواء الأزمة الإنسانية في القطاع، وتزايد الضغط الدولي لإنهاء الحرب.

ويبدو أن الكرة باتت في ملعب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي تشير التقديرات إلى أنه الوحيد القادر على كبح جماح نتنياهو وإعادة توجيه الدفة نحو حل شامل. فالضغوط التي ولدتها أفكار مثل "الهجرة الطوعية"، ساهمت في تعقيد المشهد السياسي، وأعطت لليمين الإسرائيلي أوراق ضغط إضافية يصعب تجاوزها دون تدخل مباشر من ترامب نفسه.

وبينما يُراهن ويتكوف على مسار إنساني بديل لإنهاء الحرب، تزداد التحديات، ويصبح الأمل في الحل مرهونًا بإعادة صياغة الأولويات الأميركية، وتوجيه رسالة واضحة إلى تل أبيب بأن استمرار الأزمة لن يخدم أحدًا، وأن الحل يجب أن يكون شاملًا لا جزئيًا، وبقيادة واضحة لا تخضع للمناورة.