في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ عقود، أعلنت الحكومة العراقية عن إطلاق حزمة من المشاريع الاستراتيجية في قضاء سنجار، تشمل قطاعات حيوية تمتد من الصحة والتعليم العالي إلى الماء والري، في إطار رؤية تنموية شاملة لإنهاء معاناة سكان القضاء ومعالجة إرث الإهمال والتهميش.
وأوضح مستشار رئيس الوزراء لشؤون الإيزيديين، خلف سنجاري، أن الحكومة صادقت رسميًا على تنفيذ مشاريع غير مسبوقة في سنجار، بتوجيه مباشر من رئيس الوزراء، في محاولة لتضميد جراح المدينة التي طالما افتقرت إلى أبسط مقومات الخدمات الأساسية. وقال: "كانت سنجار تمتلك مستشفى وحيدًا دمّره الإرهاب، واليوم ستشهد بناء مستشفيين جديدين بسعات 100 و50 سريرًا على التوالي، كما تم إقرار مشروع جامعة سنجار، وهو أول صرح أكاديمي من نوعه في القضاء".
وفي القطاع الخدمي والزراعي، أشار سنجاري إلى الشروع بمشروع "ماء سنجار – بعاج – ربيعة الكبير" بتكلفة تفوق التريليون دينار، إلى جانب مشروع "ري الجزيرة" الاستراتيجي، الذي من المتوقع أن يحدث تحولًا نوعيًا في القطاع الزراعي ويوفر آلاف فرص العمل لأهالي المنطقة.
وشملت القرارات الحكومية أيضًا ملف الإسكان، حيث تم التصديق على مشروع تمليك 14 ألف وحدة سكنية موزعة على 11 مجمعًا في سنجار، في خطوة تاريخية لتعويض المتضررين من أبناء المكون الإيزيدي. كما تم توجيه الدوائر المختصة بإكمال نحو 2000 سند تمليك خلال الفترة المقبلة، بينها 224 سندًا مخصصًا للناجيات الإيزيديات.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال إحياء الذكرى السنوية لجريمة الإبادة الجماعية للإيزيديين، التزام الحكومة بتنفيذ برنامج شامل لإعمار سنجار، يعزز الاستقرار ويعيد الحياة الكريمة إلى أبناء المنطقة. وأعلن عن خطط لإنشاء متحف خاص يوثق فظائع الإبادة، بالإضافة إلى دار ضيافة مخصصة للوفود الدولية، بهدف تسليط الضوء على معاناة الإيزيديين أمام العالم.
وأشار السوداني إلى أن عدد المشمولين بقانون الناجيات بلغ 2428 شخصًا، منهم 2216 يتسلّمون رواتب شهرية، مبينًا أن الحكومة أحالت أراضي سكنية للمطور العقاري لتوزيعها بشكل عادل ومدعوم بين العوائل الإيزيدية، كما تم رصد 100 مليار دينار من صندوق إعمار نينوى وسنجار لتنفيذ 89 مشروعًا حيويًا، تم الشروع بـ23 منها حتى الآن.
سنجار، التي عانت طويلاً من ويلات الإرهاب والتهميش، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تحمل معها الأمل، وتُعيد تشكيل حاضرها بمشاريع تنموية حقيقية تستهدف كرامة الإنسان وحقه في الحياة والخدمات والتعليم.