في خطوة جديدة لمجابهة أزمة اللسان الملحي المتفاقمة في شط العرب، كشفت وزارة الموارد المائية عن دراسة مشروع إنشاء سد قاطع على المجرى المائي، كجزء من حزمة إجراءات تهدف إلى تقليل تأثيرات الملوحة وتحسين الواقع المائي في الجنوب.

وأكد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، خالد شمال، أن الحكومة تبنّت سلسلة تحركات فاعلة لمعالجة التحديات البيئية والمائية، كان أبرزها تعزيز الإطلاقات المائية، رغم استمرار العجز الكبير في الإيرادات المائية الواردة من دول الجوار. وأوضح أن العراق يعتمد بنسبة 70% على المياه القادمة من خارج حدوده، وتحديدًا من تركيا وسوريا وإيران، وهو ما يضع البلاد أمام تحديات استراتيجية متزايدة.

وأشار شمال إلى أن الحكومة كثّفت مساعيها الدبلوماسية، حيث أجرى رئيس الوزراء اتصالات مباشرة مع أنقرة، بالتوازي مع زيارة وفد برلماني إلى تركيا لحثها على رفع منسوب المياه الواصلة إلى العراق. وبالرغم من التعهد التركي بتوفير 420 مترًا مكعبًا في الثانية، إلا أن الواقع يشير إلى أن الكميات الفعلية لم تتجاوز حتى الآن 350 مترًا مكعبًا في الثانية.

وبيّن أن الوزارة تعمل على إدارة الموارد المائية بأقصى كفاءة ممكنة، حيث تصل مياه نهر دجلة إلى سد الموصل بمعدل 350 مترًا مكعبًا في الثانية، في حين تُطلق الوزارة 360 مترًا من السد، إلى جانب 340 مترًا من سد حديثة لتغطية متطلبات المحافظات.

وفيما يتعلق بالمشروع الجديد، أشار شمال إلى أن شركتين استشاريتين، إحداهما إيطالية والأخرى أردنية، تعملان حاليًا على تقييم الجدوى الفنية لإنشاء سد قاطع على شط العرب، استنادًا إلى دراسة استراتيجية أُنجزت نهاية عام 2016. وأوضح أن المشروع سيكون أحد الحلول الواقعية المطروحة في حال استمرار انخفاض الإطلاقات إلى ما دون 50 مترًا مكعبًا في الثانية، وهو الحد الأدنى المطلوب للسيطرة على تمدد اللسان الملحي.

وأرجع المتحدث تفاقم الأزمة إلى المشاريع التي أقامتها تركيا خلال العقود الأربعة الماضية، بما في ذلك عشرات السدود ومشاريع الاستصلاح التي أثرت بشكل مباشر على حصة العراق المائية. وشدد على أن الوزارة تبذل جهودًا حثيثة، على الصعيدين الداخلي والخارجي، لضمان عدالة التوزيع، ومعالجة شح المياه، وإزالة التجاوزات التي تفاقم من وطأة الأزمة.

في ظل هذه المعطيات، يبقى نجاح العراق في مواجهة هذا التحدي رهينًا بمرونة الجوار والتزامه بالاتفاقات المائية، إضافة إلى المضي قدمًا في مشاريع الحصاد المائي والتوزيع العادل للثروة المائية داخل البلاد.