واضح – محليات
عادت سحب الكبريت والانبعاثات السامة لتغطي سماء العاصمة العراقية بغداد، بعد تراجع نسبها في الفترات السابقة. وسُجلت حالات اختناق جديدة، فيما شكا الأهالي من إهمال الملف، مؤكدين أنهم يتعرضون لموت بطيء من جراء هذه السموم، وسط انتقادات لعدم وضع خطط فعّالة للتخلص من مصادر الانبعاثات.
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، سُجل دخول أكثر من 300 شخص إلى وحدات العناية المركزة في مستشفيات بغداد نتيجة أزمات تنفسية ناجمة عن السحابة الكبريتية التي غطت سماء العاصمة عدة أيام، وسط تأكيدات بأن مصدرها يعود إلى معامل تدوير أسلاك الكهرباء والبلاستيك المحيطة ببغداد، بالإضافة إلى مطامر النفايات.
ووفقاً لشهود عيان في العاصمة، فإن "رائحة الكبريت انتشرت مجدداً في عدد من مناطق الكرخ والرصافة من بغداد، وامتدت إلى أطراف العاصمة"، مؤكدين، أنهم "اضطروا إلى إغلاق النوافذ منذ ليل الخميس لتخفيف آثار تلك الانبعاثات".
ونقلت وكالات أنباء محلية، عن مصادر طبية، تسجيل العديد من حالات الاختناق ليل أمس الجمعة، خاصة في منطقة الزعفرانية القريبة من محطة ضخمة لتوليد الكهرباء. ويهدّد التلوث الصناعي سكان بغداد مع استمرار تصاعد عدد المنشآت الصناعية داخل العاصمة العراقية التي تزيد تلوث الهواء والمياه والتربة، وبالتالي التهديدات لكلّ شيء حي.
وكانت وزارة البيئة أكّدت مؤخراً، أن وجود 8 آلاف منشأة صناعية داخل العاصمة يرفع نسبة التلوث. كما أعلنت قيادة عمليات بغداد، أول من أمس الخميس، أنها "أغلقت 177 كورة لصهر المعادن و60 معملاً للطابوق و30 معملاً للأسفلت، بالإضافة إلى إزالة عدد كبير من مواقع الحرق العشوائي"، موضحة في بيان أن "هذه الإجراءات تأتي تنفيذاً لتوجيهات رئيس الوزراء بهدف تقليل التلوث البيئي الناتج عن انبعاث الغازات والروائح المرافقة لعمليات الإنتاج، ولما تسببه من أضرار على صحة وسلامة المواطنين".
وتعمل تلك المصانع وغيرها خارج الأطر القانونية داخل المدينة ومن دون تراخيص بيئية، ما جعلها مصدراً رئيسياً لتدهور الهواء وتزايد الأمراض التنفسية والحساسية بين الأهالي، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية.
وقال المختص في الشأن البيئي سالم العبودي إن "الأهالي في بغداد يواجهون الموت البطيء، وهم في دائرة الأمراض بسبب الانبعاثات السامة التي لا تستطيع الجهات المسؤولة التخلص منها".
وأوضح، أن "الحملات التي تنفذ تبقى خجولة، إذ إننا نحتاج إلى عقوبات رادعة تمنع أصحاب المعامل المخالفين للضوابط البيئية، إذ لا يمكن إغلاق المعامل ومن ثم عودتها بعد فترة وجيزة"، مشدداً: "كما نحتاج إلى خطط حكومية لإخراج المصافي النفطية ومحطات الكهرباء خارج المدن، لأنها سبب نسب كبيرة من الانبعاثات السامة".
وشدد على أن "بغداد لن تتخلص من الانبعاثات السامة إلا بوضع استراتيجية بعيدة الأمد لمنع الملوثات، وفرض عقوبات على المخالفين".
ويحتلّ العراق المرتبة السادسة بين أسوأ دول العالم في جودة الهواء الذي يبلغ تلوثه في بغداد تحديداً 26.8 ضعفاً للقيمة الإرشادية التي حدّدتها منظمة الصحة العالمية. وفيما تركز الأزمة على الانبعاثات الصناعية من مصادر مختلفة، في مقدمتها محطات الوقود ومعامل صناعة الطوب ومحارق النفايات ومولدات الكهرباء الخاصة، أغلقت الحكومة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي 111 مصنعاً للطوب و57 مصنعاً للأسفلت في أطراف بغداد بسبب عدم استيفاء المعايير البيئية، كما فرضت أن تتحوّل المنشآت الصناعية إلى مصادر وقود أنظف خلال 18 شهراً مع التعهد بإجراء تحسينات على مصفاة الدورة للوقود، جنوبي بغداد، من أجل الحدّ من الانبعاثات الضارة.














