أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير النفط حيان عبد الغني السواد، اليوم الخميس (23 تشرين الأول 2025)، أن يوم السبت المقبل سيشهد حدثاً اقتصادياً وتاريخياً مهماً يتمثل بافتتاح مشروع التكسير بالعامل المساعد (FCC) في شركة مصافي الجنوب بمحافظة البصرة، مؤكداً أن هذا المشروع الاستراتيجي سيمثل نقطة تحوّل كبرى في قطاع الطاقة العراقي، إذ سيجعل البلاد تصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من البنزين والمشتقات النفطية الأخرى، مع التطلع إلى تصدير الفائض منها إلى الأسواق العالمية في المستقبل القريب.

وقال السواد في تصريح صحفي، إن "العراق كان حتى وقتٍ قريب، وتحديداً قبل أقل من ثلاثة أعوام، يعتمد بشكل كبير على استيراد المشتقات النفطية من الخارج، حيث كانت كلفة هذه الواردات تصل إلى نحو خمسة مليارات دولار سنوياً، وهو ما كان يشكّل عبئاً مالياً كبيراً على الموازنة العامة للدولة".

وأضاف أن "وزارة النفط عملت خلال السنوات الماضية على تطوير المصافي الوطنية ورفع طاقتها التكريرية بمقدار 450 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل ضعف القدرة السابقة تقريباً، الأمر الذي مكّن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي من زيت الغاز (الديزل) والكيروسين (النفط الأبيض)، وتقليل حجم استيراد البنزين من 12 ألف متر مكعب يومياً إلى 4 آلاف متر مكعب فقط".

وأوضح الوزير أن "الكمية المتبقية من البنزين، والبالغة نحو 4 آلاف متر مكعب من البنزين المحسن، سيتم تأمينها بالكامل بعد افتتاح مشروع الـFCC في البصرة يوم السبت المقبل"، مشيراً إلى أن "المنتج المحلي سيكون من نوعية عالية الجودة وبأوكتان يتجاوز 95، ليكون من أجود أنواع الوقود المتاحة في المنطقة".

وتابع السواد بالقول: "إن هذا المشروع الضخم لا يُعد مجرد منشأة جديدة في قطاع النفط، بل يمثل إنجازاً وطنياً يعكس رؤية الحكومة في تحقيق السيادة الطاقوية وتخفيف الاعتماد على الخارج"، مشدداً على أن "ما تحقق هو أقل ما يمكن تقديمه للشعب العراقي الذي يستحق مشاريع استراتيجية بهذا المستوى من التأثير والنتائج".

وبيّن وزير النفط أن "مشروع الـFCC يعتمد في عمله على استخدام مخلفات النفط كمادة أولية، ليُعاد تدويرها وإنتاج البنزين المحسن عالي الأوكتان إلى جانب الكيروسين ومشتقات نفطية أخرى، مما يجعله من المشاريع المتقدمة بيئياً وتقنياً على مستوى المنطقة".

وأشار السواد إلى أن "تمويل المشروع تم من خلال قرضٍ ميسر من الحكومة اليابانية، ليصبح هذا المشروع واحداً من أكبر وأحدث المشاريع النفطية التي يشهدها العراق منذ عام 2003، سواء من حيث التكنولوجيا المستخدمة أو من حيث القدرة الإنتاجية والتأثير الاقتصادي المتوقع".

وفي السياق ذاته، كشف مصدر محلي في محافظة البصرة أن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني سيزور المحافظة يوم السبت المقبل برفقة وزير النفط، لحضور الافتتاح الرسمي لمشروع الـFCC في مصافي الجنوب"، مبيناً أن "الاحتفال الرسمي سيتضمن إعلان العراق دولة مكتفية ذاتياً من البنزين، تمهيداً لبدء مرحلة جديدة من تصدير المشتقات النفطية الفائضة عن الحاجة المحلية".

وأضاف المصدر أن "هذا المشروع يُعتبر بمثابة الحلم النفطي الذي طال انتظاره، لما يحمله من انعكاسات مالية واقتصادية واسعة، إذ من شأنه أن يقلّص فاتورة استيراد المشتقات النفطية إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، ويوجه الموارد الوطنية نحو التنمية والاستثمار في قطاعات أخرى".

واختتم الوزير تصريحه بالتأكيد على أن "الخطوة المقبلة التي تعمل عليها وزارة النفط هي تحقيق الاكتفاء الكامل من جميع المشتقات النفطية والعمل على تصديرها بمواصفات عالمية، لتتحول المصافي العراقية من مستهلكة إلى منتجة ومصدّرة، مما يعزز مكانة العراق الإقليمية والعالمية كمركز رئيسي للطاقة والتكرير في المنطقة".