أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، أن حكومته تواصل ملاحقة المتورطين في ملفات الفساد داخل العراق وخارجه، مشدداً على أن هذه الجهود تجري بالتعاون مع الإنتربول لاسترداد الأموال المنهوبة، وفي الوقت نفسه تعمل الدولة على تعزيز مسار التنمية والإصلاح، بما يعيد للعراق دوره الريادي في محيطه العربي والإقليمي.

وقال السوداني في مقابلة متلفزة، إن مسيرته الشخصية تشكّلت في ظل ظروف استثنائية عاشتها عائلته تحت النظام الدكتاتوري، موضحاً أنه لم يغادر العراق قبل عام 2003، وكان متواجداً في محافظة ميسان عند سقوط النظام، مبيناً أن انهيار الحزب وأجهزته القمعية مثّل زوال هم كبير عن جميع العراقيين. وأشار إلى أن ميسان ساهمت في صقل شخصيته السياسية والإنسانية، إذ قدّم أهلها تضحيات جسيمة خلال مقارعة النظام، ولا سيما في منطقة الأهوار.

واستذكر السوداني أن والده كان أحد أفراد تنظيمات حزب الدعوة الإسلامية، وأنه بصفته الابن الأكبر كان يرافقه ويطّلع على تفاصيل الأحداث والمواقف، قبل أن يُعدم والده رغم مرضه، مؤكداً أن هناك من يحاول اليوم تزييف الحقائق لأغراض سياسية. وأضاف أن عائلته تعرضت للتضييق الأمني ومنع أقاربهم من زيارتهم أو مساعدتهم، وأن النظام كان يفرض رقابة صارمة على عوائل الشهداء ويجبرهم على حضور مناسباته الرسمية. وأوضح أن كلية الزراعة منحت له مساحة كبيرة ومهمة للتواصل مع الفلاحين والمزارعين، الذين اعتبرهم أهم فئة في المجتمع العراقي.

وفي ما يخص ملف الطاقة والخدمات، أوضح السوداني أن إنتاج الكهرباء في الصيف الحالي وصل إلى (28) ألف ميغاواط، وهو إنجاز غير مسبوق، مؤكداً أن الحكومة بدأت فعلياً بإصلاح قطاع الكهرباء وتوفير الوقود اللازم لمحطاته. وأكد أن العراق يعيش للمرة الأولى حركة تنموية واسعة، تمكنت الحكومة خلال عامين ونصف من إحداث فارق ملموس في الخدمات الأساسية.

وأشار إلى أن الحكومة عملت على إصلاح الهيئات الرقابية، وفتحت ملفات الفساد الكبرى، مؤكداً استرجاع (500) مليار دينار من أموال "سرقة القرن"، ومشدداً على استمرار ملاحقة المتورطين في الداخل والخارج.

وعن مواقف العراق الإقليمية، قال السوداني إن العراق أعلن رفضه وإدانته للعدوان على قطر، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لإطلاق تحالف سياسي وأمني واقتصادي بين الدول الإسلامية، يتضمن تشكيل قوة مشتركة لمواجهة التحديات. وأكد أن على الدول العربية والإسلامية أن تتحرك في مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، والتعاون بشكل جاد لمواجهة الكيان المحتل. وأضاف أن العراق يتحرك ضمن دوره الريادي، وفي إطار جهد عربي وإسلامي لإعادة رسم توازنات المنطقة بعيداً عن سياسة المحاور.

وشدد رئيس الوزراء على أن قرار السلم والحرب بيد الدولة وحدها، وأن حكومته لن تسمح لأي جهة باتخاذ خطوات تضر بمصالح العراق أو تمنح مبرراً للاعتداء عليه، مبيناً أن الحكومة أجرت حواراً وطنياً مع جميع القوى السياسية على قاعدة الحفاظ على أمن البلاد وسيادته وعدم زجه في الحروب.

وأوضح أن للعراق مواقف سياسية وإعلامية وإنسانية داعمة للشعب الفلسطيني، وساهم في فضح جرائم الاحتلال. وأضاف أن بلاده تدفع باتجاه الحوار والدبلوماسية في القضايا العالقة، خاصة في ملف التفاوض حول البرنامج النووي، لافتاً إلى أن العراق يقوم بتقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة، ويدعو للحوار في إطار القانون الدولي ومعاهدة حظر الأسلحة النووية.

وبيّن السوداني أن علاقات العراق مع إيران تقوم على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مع مراعاة أولويات العراق ومصلحة شعبه، مؤكداً أن البرنامج الحكومي تبنى مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، وأن انتهاء مهمة التحالف الدولي لا يشكل مبرراً لبقاء السلاح خارج مؤسساتها.

واختتم السوداني حديثه بالتأكيد على أن حكومته شرعت بخطوات عملية لتعزيز سلطة الدولة وترسيخ الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن تنظيم داعش لم يعد يشكل تهديداً جدياً. كما كشف عن تبادل الرسائل والوفود مع سوريا، في إطار دعم وحدة أراضيها، والحفاظ على تنوعها الاجتماعي، ونبذ التطرف والإرهاب.