يواصل العراق ترسيخ مكانته لاعبًا اقتصاديًا محوريًا في المنطقة، مدعومًا بارتفاع حجم التبادل التجاري مع أبرز شركائه خلال النصف الأول من عام 2025، حيث تصدرت الصين وتركيا والولايات المتحدة قائمة الشركاء الرئيسيين، وسط توجه متصاعد نحو تنويع العلاقات التجارية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.
فقد بلغ حجم التبادل التجاري مع الصين نحو 26 مليار دولار، لتبقى في صدارة الدول الشريكة بفضل مكانتها كأكبر مستورد للنفط العراقي. أما تركيا، فحافظت على موقعها المتقدم بقيمة تبادل تجاري وصلت إلى 7 مليارات دولار، مستفيدة من قربها الجغرافي وتنوع صادراتها التي تغطي قطاعات مختلفة في السوق العراقية. في حين سجلت الولايات المتحدة نحو 4 مليارات دولار، عبر مزيج من استيراد النفط العراقي وتصدير المنتجات الصناعية والتقنية، بما يعكس طبيعة العلاقة الاقتصادية الممزوجة بالبعد السياسي.
هذا الحجم الكبير من التبادل التجاري يمنح العراق أوراق قوة إضافية في محيطه الإقليمي والدولي، ويتيح له الحصول على شروط أفضل في عقود التبادل التجاري، إلى جانب جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن العراق أمام فرصة تاريخية لتحويل هذا الانفتاح التجاري إلى رافعة تنموية حقيقية، من خلال الاستثمار في نقل التكنولوجيا، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي، وتأسيس صناعات وطنية قادرة على المنافسة، بما يفتح آفاقًا أوسع لتوليد فرص العمل وتقليص معدلات البطالة.
ورغم اعتماد العراق بشكل كبير على صادرات النفط كركيزة أساسية لعلاقاته التجارية، إلا أن التوجهات الجديدة تهدف إلى استثمار العائدات النفطية في خلق قاعدة اقتصادية أكثر توازنًا واستدامة. فالانفتاح التجاري، وفق الرؤى الاقتصادية، لا ينبغي أن يقتصر على الاستيراد، بل يجب أن يتحول إلى أداة لبناء اقتصاد إنتاجي قادر على مواجهة التحديات المستقبلية.
ومع استمرار تنامي التبادل التجاري خلال العام الحالي، يسعى العراق إلى ترسيخ موقعه كلاعب اقتصادي مؤثر، قادر على الموازنة بين الاستفادة من موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية، والانفتاح على شراكات طويلة الأمد تعزز استقراره الاقتصادي وتدعّم دوره الإقليمي والدولي.