في إعلان يحمل أبعادًا أمنية بالغة الحساسية، كشفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، بالتعاون مع الجيش اللبناني، عن شبكة أنفاق محصّنة تمتد في مناطق الجنوب اللبناني، تحوي ترسانة من الأسلحة والصواريخ، في تطور يُعد من الأكبر في المنطقة منذ سنوات.

وبحسب المتحدث باسم "يونيفيل" أندريا تيننتي، فإن العملية تمّت في نطاق المهام الروتينية للقوة، ووفقًا لما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي يرسم حدود الوجود الأممي في جنوب لبنان. وقد تم العثور على الأنفاق في محيط بلدات طير حرفا، زبقين، والناقورة، حيث احتوت على مخابئ عسكرية، مدافع، وراجمات صواريخ، إلى جانب مئات القذائف والعبوات الناسفة والألغام المضادة للدبابات.

من جانبها، أكدت هيئة الأركان الفرنسية المشتركة، التي شارك أكثر من 200 جندي تابع لها ضمن "يونيفيل" في العملية، أن الكشف تم بالقرب من الخط الأزرق مع إسرائيل، وهدفه الأساسي تقليل التوتر ومنع التصعيد، وحماية المدنيين ضمن الالتزامات الدولية للقوة الأممية.

ورغم عدم توجيه اتهامات صريحة لأي جهة بالوقوف وراء هذه الترسانة، إلا أن المناطق التي اكتُشفت فيها تُعد تقليديًا من معاقل حزب الله، الذي يملك نفوذًا واسعًا في الجنوب اللبناني، وسط صمت رسمي حتى اللحظة عن الجهة المسؤولة عن تلك الشبكة.

الإعلان يأتي تزامنًا مع نقاشات داخل مجلس الوزراء اللبناني حول الورقة التي قدّمها الوسيط الأميركي توم برّاك، والتي تتعلق بإعادة تنظيم السلاح المنتشر على الأراضي اللبنانية، في مسعى واضح نحو ضبط الحالة الأمنية وتثبيت سلطة الدولة على كامل أراضيها.

وتُعد بعثة "يونيفيل"، التي تأسست عام 1978، ركيزة أساسية في التهدئة جنوب لبنان، خصوصًا بعد صدور القرار 1701 في أعقاب حرب تموز 2006، والذي طالب بنشر الجيش اللبناني وقوات "يونيفيل" في الجنوب، ومنع أي جهة غير الدولة من امتلاك السلاح أو استخدامه.

ويصل عدد أفراد "يونيفيل" إلى نحو 11 ألف عنصر، يعملون على مراقبة الأرض بحيادية تامة، ويقومون بعمليات دورية لضمان الالتزام ببنود القرار الدولي. كما تُسهم القوة في توفير آليات اتصال لتفادي التصعيد، خاصة في المناطق الحساسة المحاذية للحدود مع إسرائيل.

ويُنتظر أن يفتح هذا التطور الباب أمام تحركات دبلوماسية وأمنية واسعة، لا سيما مع اقتراب موعد تجديد ولاية "يونيفيل" نهاية الشهر الجاري، وسط تساؤلات حول مستقبل وجود السلاح غير الرسمي في الجنوب، وتداعياته على الاستقرار الداخلي والإقليمي.