في مشهد يُنذر بكارثة إنسانية وبيئية وشيكة، تتصاعد أزمة الجفاف في مناطق الجنوب والفرات الأوسط بوتيرة غير مسبوقة، حيث كشف النائب عارف الحمامي عن تدهور خطير في مناسيب المياه، تجاوز حدّ التحذير ليصل إلى مستوى التهديد المباشر لحياة مئات الآلاف من العراقيين.
وقال الحمامي إن "الجفاف بلغ مستويات صادمة، لم يشهدها العراق منذ عقود، ما يُهدد سبل العيش الأساسية لنحو نصف مليون عائلة تعتمد على الزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك"، مشيرًا إلى أن تداعيات الأزمة لم تعد مقتصرة على النشاط الزراعي، بل امتدت لتشمل مياه الشرب، وانتشار نفوق الأسماك والماشية في عدد من المناطق.
وبحسب تقارير ميدانية، فقد جفّت أكثر من 90% من مساحة الأهوار، ما يُمثل انهيارًا بيئيًا كارثيًا لأحد أهم المواقع الطبيعية في العراق، المصنّفة ضمن لائحة التراث العالمي. ويرى مراقبون أن الجفاف لم يعد أزمة موسمية عابرة، بل تحوّل إلى معضلة مزمنة تهدد الأمن الوطني، مع تصاعد موجات النزوح الريفي وتراجع النشاط الزراعي في محافظات رئيسية مثل ذي قار، ميسان، المثنى، الديوانية، بابل، النجف، وكربلاء.
الحمامي نبّه إلى أن مصير الخطة الزراعية للموسم المقبل بات غامضًا، في ظل غياب حلول حكومية واضحة، مؤكدًا أن حجم الأزمة يستدعي استجابة وطنية عاجلة.
في السياق ذاته، يحمّل خبراء في البيئة والمياه الجهات المعنية مسؤولية تباطؤ التحرك، داعين إلى إطلاق خطة إنقاذ عاجلة ذات أبعاد دبلوماسية وفنية، تشمل تحسين إدارة الموارد المائية، وتفعيل الاتفاقات الدولية مع دول المنبع، إلى جانب دعم الفلاحين بأنظمة ري حديثة ومشاريع تحلية، بدلًا من استمرار الاعتماد على أنظمة تقليدية تستنزف المياه بشكل غير مستدام.
اليوم، يقف الجنوب العراقي أمام اختبار حقيقي، فإما تحرك عاجل ينقذ ما تبقى من الحياة في الأهوار والقرى الزراعية، أو مواجهة انهيار بيئي واجتماعي قد تمتد آثاره لعقود.