في ظاهرة فلكية استثنائية توصف بـ"كسوف القرن"، يستعد العالم لمشاهدة أطول كسوف كلي للشمس في القرن الحادي والعشرين، والذي سيحدث في 2 أغسطس 2027، ويستمر لمدة 6 دقائق و23 ثانية، ليكون بذلك الأطول منذ عام 1991. لكن المثير أن العراق لن يكون ضمن الدول التي ستشهد هذا الحدث الكوني النادر، فيما تتحضّر تسع دول عربية أخرى لرؤية مشهد سيخطف أنفاس المراقبين.

هذا الكسوف الشمسي المرتقب سيغطي شريطًا بعرض 260 كيلومترًا وبطول يتجاوز 15 ألف كيلومتر، ويمر عبر 11 دولة ومنطقة، تشمل: إسبانيا، جبل طارق، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، السودان، السعودية، اليمن، والصومال. وسيظهر في بعض المناطق ككسوف كلي، وفي أخرى جزئيًا، تبعًا لموقع الرصد.

الحدث المذهل يحدث نتيجة تموضع القمر بين الأرض والشمس على خط مستقيم خلال "المحاق"، حيث يُسقط القمر ظله على الأرض، ليحجب قرص الشمس بالكامل أو جزئيًا عن الرؤية، في مشهد لا يُرى إلا من سطح كوكب الأرض. ويُعزى طول مدة هذا الكسوف تحديدًا إلى تقاطع مسار الظل مع خط الاستواء، ما يؤدي إلى حركة أبطأ للظل القمري فوق الأرض، إلى جانب ظروف فلكية دقيقة تتعلق بمواقع الأرض والشمس والقمر.

الظاهرة التي ينتظرها عشاق الفلك تُعدّ جزءًا من سلسلة متكررة تُعرف باسم "دورات ساروس"، وهي دورات زمنية تبلغ حوالي 18 سنة و11 يومًا، تعيد فيها ظواهر الكسوف نفسها تقريبًا من حيث التوقيت والشكل، مع بعض التغيرات الطفيفة.

ووفقًا لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، فإن العالم سيشهد أيضًا كسوفًا جزئيًا في 21 سبتمبر 2025، سيكون مرئيًا في مناطق من أفريقيا، أوروبا، وجنوب آسيا. كما شهد كوكب الأرض كسوفًا جزئيًا سابقًا في 29 مارس 2025، رُصد في شمال أوروبا، روسيا، أمريكا الشمالية، وشمال أفريقيا.

أما روسيا، التي شهدت ما عُرف بـ"الكسوف الروسي" في عام 2008، فهي على موعد مع كسوف كلي آخر في 12 أغسطس 2026، يمر من أقصى الشمال السيبيري ويعبر نحو أيسلندا وإسبانيا. كما ستشهد البلاد كسوفًا حلقيًا في 1 يونيو 2030، حيث ستبدو الشمس كحلقة نارية على امتداد حدودها الجنوبية من البحر الأسود إلى بحيرة بايكال.

جدير بالذكر أن مراقبة كسوف الشمس – ولو جزئيًا – تتطلب احتياطات صارمة، إذ يُحذّر من النظر المباشر إلى الشمس بالعين المجردة، لما لذلك من أضرار خطيرة على الشبكية. ويوصى باستخدام نظارات مخصصة أو تقنيات عرض غير مباشرة مثل الثقوب الضوئية لمتابعة الظاهرة بأمان.

ومع اقتراب "كسوف القرن"، تتجه الأنظار نحو الدول التي ستقع على مسار الظل الكلي، حيث يُتوقّع أن تتحول بعض المدن خلال دقائق النهار إلى ما يشبه ليلًا قصيرًا، في واحدة من أعظم مشاهد الطبيعة التي لن تتكرر بمثل هذه المدة إلا بعد عقود طويلة.