في ظل استمرار الحصار وتضييق الخناق على قطاع غزة، تصاعدت التحذيرات المحلية والدولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط تقارير عن وفاة عشرات الأطفال جراء الجوع وسوء التغذية، ونداءات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من الأرواح في القطاع المحاصر.
ووفقًا لبيانات المكتب الإعلامي في غزة، ارتفع عدد الأطفال الذين قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 69 طفلًا، في وقت تجاوز فيه عدد ضحايا نقص الغذاء والدواء حاجز الـ620 شهيدًا. وتزداد الأرقام تزامنًا مع تفاقم المجاعة ومنع إدخال المساعدات الإنسانية بطرق آمنة ومنظمة.
من جانبها، وصفت حركة حماس ما يجري بأنه "جريمة متعمدة ضد الإنسانية"، مطالبة بحراك رسمي وشعبي فوري لوقف المجازر التي تطال المدنيين الأبرياء، ورفع الحصار لإنقاذ مئات الآلاف من الجائعين.
وتشهد مستشفيات القطاع، وعلى رأسها مجمع الشفاء الطبي، تدفقًا يوميًا لمئات المرضى من مختلف الأعمار، يعانون من أعراض الجوع الحاد، كالإجهاد، فقدان الوعي، وضعف الذاكرة. ووفق تصريحات مدير المجمع، الدكتور محمد أبو سلمية، فإن المؤشرات الطبية باتت تنذر بانهيار صحي شامل، خاصة مع النقص الحاد في وحدات الدم التي لا يتوفر منها سوى خمس الكمية المطلوبة شهريًا.
وفي مستشفى شهداء الأقصى، أكدت الطواقم الطبية وفاة طفلة تبلغ من العمر عامًا ونصف بسبب سوء التغذية، وهي واحدة من عشرات الحالات المماثلة التي تسجل يوميًا في ظل غياب أي أفق للحل.
بدورها، حذّرت "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية" من تفشي المجاعة بشكل أوسع، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن، مطالبةً بإدخال الطحين والمساعدات الغذائية بشكل فوري، مشيرة إلى نفاد شبه تام للمواد الأساسية في القطاع.
وأكدت جمعية الإغاثة الطبية بغزة أن حالات سوء التغذية ارتفعت بنسبة 20% خلال شهر واحد فقط، وهو ما يعكس التدهور السريع للأوضاع الصحية والإنسانية.
وفيما يتواصل صمت معظم الأطراف الدولية، حمّل المكتب الإعلامي في غزة الدول الأوروبية جزءًا من المسؤولية، مطالبًا بوقف ما وصفه بـ"التواطؤ السياسي" مع جرائم الاحتلال.
في المقابل، أبدى المستشار الألماني فريدريش ميرتس موقفًا أكثر صراحة بقوله: "الوضع لم يعد مقبولًا"، مشيرًا إلى أن بلاده تواصل تقديم المساعدات الإنسانية، لكنها تطالب بالمزيد من التسهيلات من الجانب الإسرائيلي.
أما وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، فقد دعا اليوم إلى تكثيف الجهود الدولية لتحسين الوضع الإنساني في غزة، مؤكدًا الحاجة الملحّة لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات.