حذر معهد "منتدى الشرق الأوسط" الأميركي من أن العودة إلى فرض العقوبات الغربية على شركة "لوك أويل" الروسية قد يغير خارطة قطاع النفط العراقي، لا سيما في حقل "غرب القرنة-2"، الذي يمثل نحو 10% من إنتاج العراق النفطي. وأشار التقرير إلى أن هذه التطورات قد تؤدي إلى انسحاب "لوك أويل" وفتح المجال أمام دخول شركتي "شيفرون" و"بي بي" لتعزيز الإنتاج، بما ينعكس على العلاقات الأميركية-العراقية.

وأوضح التقرير أن العقوبات الغربية التي استهدفت في أكتوبر 2025 العمليات الخارجية لشركتي "لوك أويل" و"روسنفت" تأتي ضمن جهود للحد من تمويل روسيا للحرب، وتهدف إلى إعادة صياغة قطاع النفط العراقي. ويعد حقل "غرب القرنة-2"، الذي تملك "لوك أويل" 75% منه، أحد أكبر الاحتياطيات غير المستغلة في العراق بمقدار 13 مليار برميل، وكان المشروع ضمن جولة الترخيص عام 2009 في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

ورغم استثمار الشركة الروسية مليارات الدولارات لرفع الإنتاج من 100 ألف برميل في 2013 إلى نحو 400 ألف برميل يومياً، لم تحقق أهدافها المرجوة، فيما حاولت الحكومة العراقية تشجيع الإنتاج عبر زيادة الأجر إلى 2 دولار للبرميل إذا تمكنت الشركة من الوصول إلى 1.8 مليون برميل يومياً.

وأكد التقرير أن مشروع "غرب القرنة-2" كان جزءاً من استراتيجية موسكو لتعزيز نفوذها في أسواق النفط بالشرق الأوسط بعد الحرب الباردة، مستفيداً من غياب الشركات الغربية القلقة من عدم الاستقرار، حيث وفّر الحقل للشركة الروسية بين 1.5 و2 مليار دولار سنوياً، ما عزز النفوذ الدبلوماسي الروسي في العراق.

مع ذلك، أشار التقرير إلى أن الاعتماد على الشركات الأجنبية جعل العراق عرضة لنقاط ضعف كبيرة، إذ يعتمد حالياً على هذه الشركات في نحو 70% من إنتاجه النفطي. وذكرت الدراسة أن إعلان "لوك أويل" عن عدم قدرتها على الالتزام بعقدها بسبب العقوبات أدى إلى توقف المدفوعات ومنع شحنات النفط، ما أثر على تسويق ملايين البراميل. كما سحبت الشركة موظفين أجانب وحددت مهلة 6 أشهر لمعالجة الأزمة.

وأشار التقرير إلى أن التوتر تصاعد في 22 أكتوبر 2025، مع توسيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب العقوبات على الشركات والمديرين التنفيذيين لـ"لوك أويل"، بينما جمدت بريطانيا الأصول وحظرت التعاملات، مستهدفةً "تجويع آلة الحرب الروسية" وتقليص أسهم الشركة بنسبة 12% والاستيلاء على 8 مليارات دولار.

وأضاف أن العراق وقع وسط "تبادل لإطلاق النار الجيوسياسي"، واضطر إلى تعليق المدفوعات لشركة "لوك أويل"، وتجميد 500 مليون دولار و4 ملايين برميل، وإلغاء شحنات نوفمبر البالغة 6 ملايين برميل، وإعادة توجيهها إلى حقول أخرى مثل الزبير.

ورأى التقرير أن رحيل "لوك أويل" قد يفتح المجال أمام عودة "شيفرون" و"بي بي"، ما يتيح زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً ويعزز التعاون الأميركي-العراقي، إلا أن عدم اليقين السياسي والفساد والتعيينات السياسية في بغداد قد يحد من قدرة الحكومة على تعويض القدرات التقنية للشركة الروسية، مما يفاقم قلق المستثمرين والأسواق.

وأشار التقرير إلى أن أسعار خام برنت ارتفعت بنسبة 2% إلى 82 دولاراً في 11 نوفمبر، معبرّة عن مخاوف ضيق الإمدادات، في حين رجح أن تواصل بغداد الدبلوماسية عبر وسطاء خليجيين أو تسعى للحصول على إعفاءات لتجنب صدمات الطاقة الإقليمية. واختتم التقرير بالتأكيد على أن الحلول المؤقتة لإدارة الأزمات لا تكفي لتحقيق استقرار دائم في القطاع النفطي العراقي.