في خطوة تعكس تصاعد التوتر الأمني بين الحليفين التقليديين، قررت الحكومة البريطانية تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة المتعلقة بعمليات مكافحة تهريب المخدرات في منطقة البحر الكاريبي، وسط مخاوف من تورط واشنطن في انتهاكات محتملة للقانون الدولي خلال تنفيذ عملياتها البحرية الأخيرة.
وكشفت مصادر مطلعة أن بريطانيا، التي تمتلك أراضي تابعة لها في منطقة الكاريبي، كانت طوال السنوات الماضية تتعاون بشكل وثيق مع واشنطن في إطار جهود مشتركة لتعقب سفن يُشتبه في نقلها المخدرات، حيث كانت تمرر المعلومات الاستخباراتية إلى فريق العمل المشترك لمكافحة المخدرات المقيم في ولاية فلوريدا، والذي يضم ممثلين عن عدد من الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة.
غير أن العمليات الأمريكية المكثفة ضد القوارب المشتبه بها منذ سبتمبر الماضي، والتي أسفرت بحسب التقارير عن مقتل 76 شخصاً، أثارت قلق لندن من احتمال استخدام المعلومات البريطانية في عمليات تصفيات بحرية تتعارض مع القوانين الدولية.
وأوضحت المصادر أن القرار البريطاني جاء بعد مراجعة داخلية دقيقة خلصت إلى ضرورة وقف تدفق المعلومات الاستخباراتية مؤقتاً، ريثما يتم تقييم مدى التزام الجانب الأمريكي بالمعايير القانونية الدولية في تعاملاته الميدانية.
من جانبها، بررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلك العمليات بأنها تأتي ضمن ما تصفه بـ"الدفاع المشروع عن الأمن القومي"، معتبرة مهربي المخدرات في البحر الكاريبي "مقاتلي عدو" في حالة نزاع مسلح مع الولايات المتحدة، وفقاً لرسالة رسمية وجهتها الإدارة إلى الكونغرس الأمريكي.
ويعد هذا التطور سابقة نادرة في تاريخ التعاون الاستخباراتي بين لندن وواشنطن، اللتين تتشاركان عادةً أعلى مستويات التنسيق في الملفات الأمنية والعسكرية، ما يعكس حجم الفجوة المتزايدة بين الطرفين في تفسير القانون الدولي وتطبيقاته على العمليات العسكرية خارج الحدود.
ويرى مراقبون أن القرار البريطاني يمثل تحذيراً دبلوماسياً مبطناً لواشنطن بضرورة ضبط عملياتها في الخارج والامتثال للقواعد الدولية، تجنباً لتقويض منظومة التعاون الأمني التي تعد من أقدم التحالفات الاستخباراتية في العالم.














