في تطور صادم يكشف هشاشة الواقع الأمني والاقتصادي في العراق، تحوّل بعض الشباب العراقي إلى وقود لصراعات دولية لا علاقة للعراق بها، حيث جُنّدوا وسافروا إلى جبهات القتال في روسيا وأوكرانيا تحت وعود مالية مغرية ووظائف مزعومة.
النائب عامر الفايز أكد أن التحاق بعض العراقيين بالحرب جاء "بمحض إرادتهم وبدوافع مالية"، مشيراً إلى أن من يرغب في العودة يمكنه التواصل مع السفارة العراقية في موسكو لاستكمال الإجراءات الرسمية. ومع ذلك، تكشف التحقيقات المستقلة وتقارير صحفية أن آلاف العراقيين تعرضوا للاستدراج عبر وسطاء وشركات وهمية في بغداد والبصرة والنجف منذ عام 2022، قبل أن يُجبروا على القتال بعد سحب جوازاتهم ووثائقهم.
اللواء المتقاعد جواد الدهلكي كشف أن منظمة "فاغنر" الروسية استغلت شباب العراق لتوظيفهم في صراعات خارجية، مستغلة ضعف الرقابة وفرص البطالة، فيما يؤكد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) أن ظاهرة تجنيد المرتزقة عبر الإنترنت ازدهرت منذ 2020، مستهدفة فئات هشة في دول عدة، بينها العراق.
في خطوة قانونية لافتة، حكمت محكمة في النجف بالسجن المؤبد على مواطن بتهمة "تجنيد وإرسال مقاتلين لصالح روسيا"، ما يضع التجنيد ضمن جرائم الاتجار بالبشر ويشير إلى تحول الدولة إلى مواجهة الظاهرة بصرامة.
مصادر أوروبية أكدت فتح تحقيقات حول دور نائب عراقي في عمليات تجنيد مرتبطة بغسل أموال وتمويل غير مشروع، مع تحويلات مالية مشبوهة عبر شركات في أوروبا الشرقية استخدمت لتغطية نفقات السفر والتجنيد.
بينما تحاول الحكومة العراقية تصوير القضية على أنها "مسألة إرادة شخصية ودوافع مالية"، تتنامى المخاوف السياسية والدبلوماسية، إذ يضع الملف بغداد بين موسكو وواشنطن، ويثير قلقاً أمنياً داخلياً من عودة بعض المقاتلين بخبرات قتالية وارتباطات خارجية قد تُشكل تهديداً للمشهد العراقي.
الملف لم يعد قضية فردية أو إنسانية فحسب، بل أصبح مسألة دولية تتقاطع فيها تجارة البشر وغسيل الأموال والتجنيد غير المشروع، ليبقى السؤال الأبرز: من أرسل هؤلاء الشباب؟ ومن استفاد؟ وما هي خطط العراق لحماية شبابه من الانجرار إلى حروب لا تخصه؟













