منصة واضح - متابعة
من المقرر أن تستولي شركة من الإمارات على مبنى ضخم تابع لشركة النفط الإيرانية، في إطار معركة قانونية حول عقود بيع غاز تعود لعدّة عقود سابقة.
ورفضت محكمة الاستئناف البريطانية الطلب المقدّم من شركة النفط الوطنية الإيرانية، مؤيدةً الحكم السابق القاضي بمصادرة المبنى المعروف بـ “بيت شركة النفط الوطنية الإيرانية” في لندن، وجعلت المصادرة نهائية لصالح شركة “كرسنت بتروليوم” الإماراتية.
ونقلا عن قاعدة بيانات منصة الطاقة المتخصصة، تعود القضية إلى ما يُعرَف بـ”عقد كرسنت”، الذي أُبرِم في أوائل الثمانينيات بين شركة النفط الإيرانية وشركتي “كرسنت بتروليوم” لبيع الغاز الإيراني إلى الإمارات، وتضمَّن التزامًا طويل الأجل وشرطًا للتحكيم الدولي.
وأدت الخلافات حول السعر وتنفيذ العقد إلى إحالة القضية للتحكيم؛ إذ قضت هيئة التحكيم في نهاية المطاف بإلزام شركة النفط الإيرانية بدفع تعويضات باهظة لشركة “كرسنت”.
بعد صدور القرار، ألزمت الشركة الإماراتية محاكم لندن بتنفيذ القرار للاستيلاء على مقرّ شركة النفط الإيرانية، استنادًا إلى قانون التحكيم البريطاني.
وكان أحد المحاور الرئيسة بعد صدور الحكم هو نقل ملكية مبنى “بيت شركة النفط الوطنية الإيرانية” إلى صندوق تقاعد النفط.
وعَدّت “كرسنت” الإجراء محاولة للتهرب من الدائنين، وتقدمت بشكوى استنادًا إلى قانون الإفلاس البريطاني، لتصبح المصادرة الآن نهائية.
الحكم البريطاني لم يكن معزولًا؛ ففي هولندا، رفضت محكمة “روتردام” في 2023 اعتراض شركة النفط الإيرانية على مصادرة مبناها في المدينة، وأقرّت نقل الملكية إلى شركة “هوفل” الهولندية بعد مزاد علني عُقِدَ في نيسان من العام نفسه.
وجاءت الخطوة بناءً على شكوى رفعتها “كرسنت بتروليوم” ضد الشركة الإيرانية بسبب إلغاء العقد الموقَّع عام 2001، الذي نصَّ على تصدير الغاز من حقل سلمان المشترك إلى الإمارات.
واجهت إيران أحكامًا مماثلة في الولايات المتحدة، حيث قضت محكمة في أيار 2023 بمصادرة 2.75 مليار دولار من أموال الشركة الإيرانية، ضمن تعويضات تتجاوز 14 مليار دولار أقرّتها محكمة التحكيم الدولية في باريس لصالح الشركة الإماراتية.
يشير خبراء قانونيون إلى أن الأحكام خلقت سابقة يمكن أن تُستعمل لملاحقة أصول إيرانية أخرى حول العالم، خصوصًا في أوروبا وآسيا، ما يهدد بنزيف اقتصادي طويل الأمد لطهران.
ويحذّر الخبراء من أن استمرار النزاع قد يؤدي إلى مصادرة مزيد من الأصول في أوروبا والخليج، إذ تخطط “كرسنت” لملاحقة ممتلكات إيرانية في الإمارات واليونان، ما يوسّع دائرة الضغط الاقتصادي على طهران.
القضية التي تعود لعام 2001 حول توريد الغاز إلى الإمارات بسعر ثابت لمدة 25 عامًا تحولت إلى خلاف سياسي داخلي حادّ في إيران، إذ اتهمت التيارات الإصلاحية والمحافظة بعضها بعضًا بالفساد وسوء الإدارة.
ومع إيقاف العقد من قبل المجلس الأعلى للأمن القومي عام 2010، بدأت سلسلة الدعاوى التي انتهت إلى أحكام بمليارات الدولارات ضد طهران.
ولم يحرم إلغاء العقد إيران من عائدات تصدير الغاز من حقل سلمان فحسب، بل تسبَّب أيضًا في أضرار اقتصادية مباشرة نتيجة الغرامات والتحكيم الدولي.
وكان مسؤولو النظام الإيراني يأملون في أن تقتصر الأضرار النهائية على 2.6 مليار دولار، إلّا أن “كرسنت” طالبت بتعويض مالي قدره 20 مليار دولار.