حتى قبل أشهر قليلة، لم يكن أحد ليخطر بباله أن يجلس أحمد الشرع، الرئيس السوري الحالي وزعيم سابق لجبهة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب، على طاولة حوار في قلب نيويورك، وأن يكون شريكه في النقاش هو الجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد بترايوس، صاحب التاريخ الطويل في مواجهة التنظيمات الإرهابية في العراق وقيادة وكالات استخبارية كبرى بين عامي 2003 و2012.
وجرت هذه المحادثة على هامش مؤتمر "كونكورديا" الاقتصادي، حيث تناول الطرفان ملفات عدة تتعلق بمستقبل سوريا، من بينها: توحيد الفصائل المسلحة، قضايا الأكراد والأقليات، إعادة بناء الدولة السورية، والمباحثات المتعلقة بالسلام مع إسرائيل.
على الرغم من جدية الملفات، شهد اللقاء سجالاً طريفاً بين الشخصين، إذ أشار الشرع إلى بترايوس قائلاً: "مهمتي في سوريا الآن أصعب بكثير من مهمتك في العراق بعد حرب 2003"، ليرد الجنرال الأميركي بابتسامة: "حين كنت أقاتل تنظيم القاعدة، كنت أسأل عن مجموعتكم، جبهة تحرير الشام، وكنت أقول يمكننا العمل مع هؤلاء الأشخاص لأنهم وطنيون. الآن هناك الكثير من الأمل".
ويعكس هذا اللقاء غير المتوقع، بين "الجهادي السابق" و"الجنرال الأميركي المتقاعد"، التحولات الدبلوماسية والجهود المتواصلة لإيجاد حلول سياسية في سوريا، حيث تقدم بعض الملفات نحو الحلول، خاصة فيما يتعلق بمحادثات السلام مع تل أبيب، وسط تحديات وصعوبات مستمرة في إعادة بناء الدولة واستعادة الاستقرار.