Homepage / لماذا منعت واشنطن القيادات الفلسطينية من دخول نيويورك؟

لماذا منعت واشنطن القيادات الفلسطينية من دخول نيويورك؟

أصدرت الولايات المتحدة في وقت سابق قراراً بعدم منح الرئيس الفلسطيني وفريقه تأشيرات دخول إلى نيويورك، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وأثقلت كاهل القيادة الفلسطينية وشعبها في ظل تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً في قطاع غزة والضفة الغربية. ووفق مصادر مطلعة، استند القرار الأميركي إلى مجموعة من المبررات، تراوحت بين اتهامات التحريض على الإرهاب وعدم الجدية في مقاومته، ونشر ثقافة الكراهية، والملاحقة القضائية لإسرائيل دولياً، وحث الدول على الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.

لم يقتصر الإجراء على منع الفريق الرئاسي الفلسطيني من دخول الولايات المتحدة، بل شمل أيضاً إلغاء التأشيرات الصالحة مسبقاً، ما يضع الفلسطينيين أمام تحديات كبيرة على المستوى السياسي والدبلوماسي، ويشكل رسالة صارمة بأن واشنطن تفرض قيوداً صارمة على القيادة الفلسطينية، في وقت تمر فيه المنطقة بأزمة إنسانية وسياسية حادة، وسط تصاعد حرب الإبادة على غزة وتوسع الاستيطان في الضفة الغربية بمباركة أميركية واضحة.

وجاء القرار في توقيت حساس للغاية، بعد ثلاثة اجتماعات هامة عُقدت مع الإدارة الأميركية السابقة، تضم مستشارين بارزين مثل توني بلير وجاريد كوشنر، وركزت هذه الاجتماعات على مستقبل قطاع غزة ومرحلة ما بعد الصراع، بما في ذلك "اليوم التالي" وما قد يترتب على ذلك من ترتيبات سياسية وإدارية. بالإضافة إلى ذلك، شهدت الفترة ذاتها اجتماعات إسرائيلية داخلية تناولت موضوع إنشاء إمارة الخليل وإعادة توزيع الأراضي في الضفة الغربية، فضلاً عن رسم خرائط لضم مناطق واسعة من الضفة الغربية، في خطوة تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية وتفكيك أي قدرة فلسطينية على مواجهة هذه التوسعات.

يُنظر إلى القرار الأميركي على أنه صفعة للسلطة الفلسطينية، ويعكس رغبة واشنطن في توجيه السلطة الفلسطينية لتكون حاجزاً أمام أي خطوات فلسطينية قانونية أو دبلوماسية ضد إسرائيل، بما يشمل منع متابعة قضايا الجرائم الإسرائيلية أمام المحاكم الدولية أو استخدام أدوات الكفاح السلمي والدبلوماسي. كما أن القرار يعكس محاولات مستمرة من واشنطن وإسرائيل لإضعاف أي دور للسلطة الفلسطينية في المشهد السياسي الداخلي، خصوصاً في مواجهة حركة حماس والفصائل المقاومة الأخرى، من خلال الضغط على السلطة لإدانة المقاومة أو فرض سيطرتها على الساحة الفلسطينية، ما يضعها أمام معضلات سياسية كبيرة ويحد من قدرتها على حماية حقوق الشعب الفلسطيني.

وجاء القرار في وقت حساس، إذ تشهد غزة حرب إبادة مستمرة، وارتفاع وتيرة الاستيطان والتهجير في الضفة الغربية، بما في ذلك مشاريع مثل تهويد القدس، إزالة مخيمات الشمال، ومشروع "إمارة الخليل"، إلى جانب استيلاء الاحتلال على أموال المقاصة الفلسطينية. وفي هذا السياق، تحاول السلطة الفلسطينية البحث عن حلول دبلوماسية لتجاوز القرار الأميركي، بما يشمل محاولة حشد الدعم العربي والدولي، أو البحث عن بدائل لعقد الاجتماعات الدولية خارج نيويورك، مثل نقلها إلى جنيف أو الاقتصار على تمثيل دبلوماسي محدود، في محاولة للحفاظ على حضور سياسي ودبلوماسي في ظل ضغوط متزايدة.

يمكن فهم القرار الأميركي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تفكيك أي مقومات للدولة الفلسطينية وإضعاف أي رمزية سياسية للسلطة الفلسطينية، وإجبارها على تقديم المزيد من التنازلات دون أي مقابل ملموس، بما في ذلك دفعها لقبول شروط الإدارة الأميركية وإسرائيل، حتى على حساب حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية. وفي المجمل، القرار يعكس موقف الولايات المتحدة الرافض لأي حلول جدية أو خطوات عملية نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة، ويضع القيادة الفلسطينية أمام تحديات غير مسبوقة، تتطلب موازنة دقيقة بين البقاء السياسي والتنازلات المستمرة تحت ضغط القوى الإقليمية والدولية، في وقت لا تزال فيه الأراضي الفلسطينية تعيش تحت وطأة العدوان والاحتلال وتوسع المستوطنات.

اليوم, 00:58
Go back