منصة واضح - متابعة
سلّط تقرير إيراني، الضوء على زيارتي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، التي أجراهما إلى العاصمة العراقية بغداد، وبيروت، وكواليس الحوارات والملفات التي طرحت خلالها مع الجهات المسؤولة في البلدين، حيث أشار إلى أن مصير "فصائل المقاومة" في العراق ولبنان، يؤثر على إيران، متطرقاً إلى الاتفاقية الأمنية بين العراق وإيران، بشأن الحدود.
الحدود مع العراق بحاجة إلى حلّ
وذكر التقرير الذي نشرته وكالة "مهر" الإيرانية، "شهدت جمهورية إيران الإسلامية زيارتين مهمتين الأسبوع الماضي؛ زيارة علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، التي استغرقت ثلاثة أيام إلى العراق ولبنان، وزيارة فاهان غوستانيان، نائب وزير خارجية أرمينيا، إلى طهران. وفي ظل الظروف الراهنة، كان الهدف من كل من هاتين الزيارتين هو تهدئة مخاوف إيران بشأن علاقاتها مع جيرانها ودول المنطقة الأخرى، وخاصة في مجال الأمن والجيوسياسية في المنطقة".
وقالت الوكالة في تقريرها، إن "إدراك أهمية زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي إلى بغداد ثم بيروت، يتطلب فهماً حقيقياً للوضع الراهن في علاقات جمهورية إيران الإسلامية مع العراق ولبنان. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من الروابط السياسية والدينية والثقافية، بل وحتى الاقتصادية، القوية بين إيران وجارها الغربي العراق، إلا أنها تواجه أيضاً مخاوف أمنية لا يمكن إنكارها، لا سيّما على حدودها مع العراق، والتي تحتاج إلى حل وتحويلها إلى تعاون وتضامن. لطالما كانت حدود إيران الغربية مهددة من قِبل الجماعات الإرهابية الانفصالية، ولذلك وقّع البلدان سابقاً عام 1975 اتفاقيةً أمنيةً لتنظيم هذه القضية وحلّها. وخلال الزيارة الأخيرة لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي إلى العراق، وُقّع تفاهمٌ لتطبيق هذه الاتفاقية بدقة ومبدأ".
همسات لحلّ "فصائل المقاومة" في العراق
ولفت التقرير، "يُعدّ مصير وجود جماعات المقاومة ونوعيته قضيةً تؤثر على المنطقة، بما في ذلك إيران، ولا يبدو قلق طهران في هذا الصدد أمراً غريباً. قبل زيارة لاريجاني إلى بغداد، كانت ولا تزال هناك همسات وتكهنات جدية حول حل فصائل المقاومة في العراق، بما في ذلك قوات الحشد الشعبي. ورغم أن قرار وجود أو حلّ أي فصيل مقاومة في العراق ولبنان، من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يعود إلى سلطات وشعبي هذين البلدين، إلا أنه لا يمكن تجاهل هذا المبدأ المهم، وهو أن فصائل المقاومة في كلا البلدين ليست فعالة داخل حدودهما فحسب، بل هي أيضًا أساسية في إرساء السلام ومكافحة العدوان والإرهاب في المنطقة بأسرها. لذا، فإن مصير ونوعية وجود هذه الفصائل المقاومة مسألة تؤثر على المنطقة، بما في ذلك إيران، ولا يبدو قلق طهران في هذا الصدد مستغرباً".
وأضاف التقرير، "من ناحية أخرى، رصدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن كثب التدخل الواضح والملموس لدول خارج المنطقة في هذه الفصائل، وحذرت سلطاتها من هذا النوع من التدخل في شؤون الدول. وقد دفعت وقائع العلاقات بين طهران وبيروت خلال العام الماضي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي إلى زيارة لبنان أيضًا ضمن زيارته المقررة إلى العراق. منذ أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، يشهد علاقات مختلفة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيثُ يُمكن اعتبار الغموض وسوء الفهم من أهمّ الكلمات المفتاحية لوصف هذه العلاقات الجديدة. وفي سياق صياغة العلاقات الإيرانية اللبنانية بعد اغتيال حسن نصر الله وتولّي الحكومة الجديدة السلطة في هذا البلد، ينبغي إعطاء عامل التدخل الأجنبي وزناً كبيراً. فعلى مدار العام الماضي أو نحوه، أعاد مسؤولو الحكومة اللبنانية تعريفَهم للعلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي هذه الأثناء، تغاضوا أيضاً عن بعض الحقائق. وكان لزيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي إلى لبنان في ظلّ هذه الأجواء المليئة بسوء الفهم، وحضوره في مختلف المحافل والاجتماعات، دوراً خاصاً في الحدّ من هذا الغموض وسوء الفهم".
إيران والشؤون اللبنانية
وذكّر التقرير الإيراني، بتصريح لاريجاني عن الموقف الرسمي لإيران بصفته رئيساً للأمن في البلاد، رداً على أسئلة من صحفيين لبنانيين خلال مؤتمر صحفي مع رئيس مجلس النواب اللبناني حول "مزاعم تدخل إيران في الشؤون اللبنانية ودعمها لحزب الله"، والذي نصّه: "أنا مسؤول عن الأمن القومي لبلادي، وأقول بصراحة إن إيران لا تنوي التدخل في شؤون الدول، بما فيها لبنان. إذا تحاورت الحكومة اللبنانية مع مختلف الطوائف وتوصلت إلى نتيجة، فسندعمها".
واشار التقرير، إلى أن "هذا التصريح العلني قد يُنهي العديد من الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة لإيران بشأن التدخل في الشؤون اللبنانية. وهو ما أشار إليه أيضاً السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، قائلاً: خلال هذه الزيارة، عقد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سلسلة من اللقاءات الجيدة والودية والصريحة مع رؤساء وقادة وشخصيات من مختلف الطوائف الشيعية والسنية والمسيحية والدرزية والعلوية".
وتابع التقرير، "يمكن أيضاً تقييم حضور وهان غوستانيان، نائب وزير الخارجية الأرميني، في وزارة الخارجية وفقاً لهذا التفسير. ويبدو أن هذا الحضور كان إيجابياً إلى حدّ ما، وساهم في تهدئة بعض مخاوف طهران في هذا الصدد. وفي معرض شرحه لهذه الزيارة والضمانات التي قدمتها أرمينيا لإيران".
ولفت التقرير، إلى أنه "إذا نظرنا إلى عقيدة العلاقات الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع دول المنطقة وجيرانها كنظام، فيمكننا النظر إلى مدخلاته ومخرجاته. فإذا افترضنا أن مجموعة من المخاوف والهموم والتحديات التي تواجهها طهران في هذه العلاقات هي مدخلات هذا النظام، فإن طريقة تحليلها وتلخيصها، وما يُعرّف كمخرجات، يمكن تفسيره على أنه مستوى نجاح هذا النظام في ظل الظروف الراهنة بكل المتغيرات المؤثرة فيه. في الحالة الأخيرة، لدى إيران مخاوف جدية من وجود جماعات انفصالية على حدودها، ويتم تحليل هذه المخاوف في العراق، وينتج عن ذلك فهم أمني أو أن طهران قلقة بشأن تغيرات حدودها الجيوسياسية، ويتفهم جارها الشمالي هذا القلق، وينتج عن ذلك اتصالات ورحلات ومحادثات إقناعية عديدة. كان من الأجدى للولايات المتحدة والكيان الصهيوني أن تدخل طهران في التوتر والتهديدات كمدخلات بدلًا من الحوار والزيارات، وكان جيرانها سيعرضون عليها الحرب والعلاقات الباردة كمخرجات تتناسب مع ذلك".
وختم التقرير بالقول: "يتكرر هذا الأسلوب مع جيران إيران الآخرين باختلاف نوعياتهم ومدخلاتهم ومخرجاتهم. إلا أن النظام الدولي، نظراً لجميع العوامل المؤثرة فيه، وأهمها القوة، لا يسمح للأنظمة الإقليمية وأنظمة الجوار بمواصلة العمل بهذا الهدوء والمخرجات الإيجابية؛ لا سيّما وأن هذه الأنظمة مهدّدة بعامل مثل الاحتلال الإسرائيلي. لذلك، ورغم أن التفاؤل بشأنها لا يبدو منطقياً، وأن إرسال المدخلات واستقبال المخرجات يتطلب يقظة تامة، إلا أن أداء هذا النظام، على الأقل في الشهرين الماضيين، أظهر أن العوامل الخارجية المؤثرة لم تتمكن من التأثير عليه بهذا القدر من العمق".