منصة واضح - بغداد
في بلد لا تخلو فيه الحياة اليومية من نكهة الدعابة والابتكار، شهدت العاصمة بغداد مؤخراً "معركة من نوع خاص"، ليس فيها سلاح أو شعارات حزبية، بل فقط "عروق وبيض"، وخصمان شرسان على بساط الأكل الشعبي: حموقة والشاه، ثنائي تحوّل بين ليلة وضحاها إلى نجوم "سوشيال ميديا"، بفضل بسطة، وطبخة، وكلمة.
بداية الحكاية.. من بسطة الشارع إلى ترند السوشيال
في إحدى زوايا العاصمة، ووسط الزحام والحرّ اللاهب، افترش حموقة ركنه المتواضع، وراح يطلق عباراته الشهيرة مثل "تحتاني وطوبة"، وهو ما اكتشفه العراقيون لاحقاً أنه ليس اسم فرقة موسيقية، بل مصطلح ساخر يقصد به "العروق والبيض". أما خصمه وليد علي الشاه، فلم يكن بحاجة لعبارات، بل اكتفى بتاريخ عريق في "الطبخ الشعبي"، فهو "ملك العروق" في باب الشيخ منذ عام 1989، ويُقال إن صحنه الأول طُبخ في زمن التنكّر والراي، ونجا من كل الحكومات!
الصحن مشعلل.. التحدي ينتقل من النار إلى الأسعار!
ورغم أن الطبق شعبي بامتياز، لكن المنافسة انتقلت بسرعة البرق من "اللي يطبخ أطيب" إلى "اللي يبيع أرخص".
الشاه يقدم وجبة "عروق وبيض" بـ4 آلاف دينار، وهي سعر وصفه البعض بـ"المدعوم بلا دعم"، في حين قرر حموقة أن يسلك طريق النخبة ويبيع الوجبة بـ7 آلاف، مبرراً الغلاء بأن "مكوناته أصلية وماكو غش"، على حد تعبيره في مقطع انتشر له وهو يقلب المقلاة مثل نجم تلفزيون الواقع.
بين الطرفة والانتقاد.. المواطن يحتار: "عروق لو استيراد؟"
وعلى الرغم من المزاح المنتشر حول "تحتاني وطوبة"، إلا أن الجدية حضرت فجأة، حين بدأ المواطنون يتساءلون بواقعية عن أسباب ارتفاع السعر.
يقول أحدهم: كيلو اللحم المثروم بـ12 ألف، وطبقة البيض بـ5 آلاف.. يعني شلون صحن يوصل 7 آلاف؟ إحنا نريد نأكل مو نشتري أسهم بالبسطة!".
فيما ردّ أحد أنصار حموقة على السوشيال: لا تحكمون على الأكل قبل ما تذوقون الـ"تحتاني"… لأن الطوبة لحالها تستاهل السعر!"
جمهور على الواقف ومقاعد بـ"النية"
الطريف في الأمر، أن كلا الطباخَين لا يملكان مطعماً فخماً أو قاعة مكيّفة، بل "بسطة ومقاعد معدودة" تُحجز عبر النظرات أو "الإشارة بالملعقة".
ومع ذلك، لا أحد ينكر أن البسطتين تحوّلتا إلى "مزارات طعام شعبية"، يزورها الناس من كل المناطق، البعض بدافع الجوع، والآخر بدافع الفضول، وهناك من يزورها فقط لالتقاط صورة وهو يهتف: "تحتاني وطوبة… وياهم طماطة!"
وهكذا، ومن دون قرار برلماني أو فتوى اقتصادية، أصبح "العروق والبيض" وجبة رأي عام في بغداد، وصار حموقة والشاه رمزين لصراع الطعم، والأسعار، والهاشتاغ.
فهل تنتهي المنافسة على "قدرة الضغط"؟ أم أن هناك طبقاً جديداً سيدخل السباق قريباً؟ الجمهور بانتظار الطبخة التالية… وبالعافية سلفاً!