Homepage / الجفاف يزيد معاناة أهالي سكان الأهوار: 90% من الأراضي أصبحت قاحلة!

الجفاف يزيد معاناة أهالي سكان الأهوار: 90% من الأراضي أصبحت قاحلة!

 منصة واضح - بغداد

مع مرور الوقت تتزايد موجات النزوح لأهالي سكان مناطق الاهوار، نتيجة تفاقم أزمة الجفاف الّتي باتت مشهدًا مألوفًا خصوصًا في جنوب البلاد، وأدت إلى تبديد الثروة السمكية والحيوانية ولا سيما من الجواميس، بسبب انخفاض مناسيب نهري دجلة والفرات

وفي العام 2016 صوتت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) على ادرج الأهوار إلى لائحة التراث العالمي بإجماع أعضائها على ضم الأهوار إلى لائحة التراث العالمي.

ومعروف ان الأهوار، وهي مسطحات مائية شاسعة في جنوب العراق، استوطنها الإنسان قبل 6500 سنة وبنى أولى قراه ومن ثم مدنه فيها. وهي تشتهر اليوم بمحافظتها على تراثها الثقافي من خلال تأقلم سكانها مع بيئتهم وتوارثهم أساليب الحياة اليومية منذ آلاف السنين.

ويقول بجاي عواد زيارة، وهو أحد سكان منطقة هور الجبايش في محافظة ذي قار"عشنا في هذه الأهوار لأجيال متعاقبة، والجميع هنا يعتمد على صيد الأسماك وصيد الطيور وتربية المواشي وزراعة القصب".

ويتابع" الآن، حوّل الجفاف أراضينا إلى أراضٍ قاحلة. فقد الناس مواشيهم، ونفقت الثروة السمكية بسبب نقص المياه. حتى الطيور المهاجرة لم تعد تأتي، فالماء الّذي كان يجذبها قد زال".

وتشهد الأهوار العراقية أزمة بيئية نتيجة الجفاف المتفاقم مع تراجع مستويات المياه؛ بسبب انخفاض الكميات التي تصلها من نهري دجلة والفرات، ما يخلف تهديداً مباشراً على التنوع الأحيائي والثروة السمكية، وتتزايد الدعوات إلى تحرك عاجل للحفاظ على منطقة الأهوار تراثاً بيئياً عالمياً، وحماية الأمن البيئي والغذائي الوطني، قبل أن تتحول إلى ذكرى من الماضي.

وسُجلت خلال الفترة الماضية خسائر كبيرة في الثروة السمكية، إضافة إلى تراجع قطعان الجاموس بنسبة تقارب 40%، ما يهدد النسيج الاجتماعي، ويدفع آلاف السكان إلى الهجرة، وبالتالي يعرض نمط الحياة في المنطقة إلى التبدل بالكامل. وفي احتجاج على ما تعانيه منطقة الأهوار، أحرق عدد من السكان منازلهم ومضايف مملوكة لهم، مؤخراً، للتعبير عن إحباطهم من فقدان نمط حياة يعود إلى آلاف السنين.

وتقع الأهوار في جنوبي العراق، وتضم ثلاث مناطق رئيسية، هي هور الحويزة شرق محافظة ميسان، وهور الحمّار بين محافظتي ذي قار والبصرة، وأهوار الوسط بين محافظتي ميسان وذي قار، وهي تمتد على مساحة تُقدّر بأكثر من 20 ألف كيلومتر مربع.

وكان مدير عام مركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة التابع لوزارة الموارد المائية العراقية، حسين الكناني، أكد على أن" الحكومة العراقية تواصل جهودها لمعالجة تداعيات الجفاف في مناطق الأهوار من خلال تنفيذ مشاريع استراتيجية تهدف إلى تحسين إدارة المياه وزيادة كفاءة توزيعها.

ويضيف أن "المفاوضات جارية بين العراق ودول الجوار، خصوصاً تركيا وإيران، بهدف تحسين واقع المياه، وزيادة الإطلاقات المائية، وهذه خطوات مهمة لضمان استدامة الأهوار، والحفاظ على النظام البيئي فيها".

ويتابع أن "من بين الحلول التي يجري العمل عليها تبطين القنوات، وتنظيف الجداول والأنهار من الترسبات، إلى جانب تحسين التحكم بالإطلاقات المائية، مع إعطاء الأولوية لتأمين الاحتياجات الأساسية لسكان الأهوار بهدف دعم استقرارهم. التحديات التي تواجه الأهوار لا تقتصر على قلة الموارد المائية الداخلية، بل تشمل أيضاً انخفاض الإطلاقات من دول الجوار، إضافة إلى التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، ما يزيد من معدلات التبخر، ويؤثر سلباً على الواقع البيئي والسكاني في تلك المناطق".

بدوره، يقول رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية وباحث في الشؤون البيئية رعد الأسدي: "تشهد الأهوار أسوأ كارثة بيئية في تاريخها، حيث جف أكثر من 90% منها".

ويوضح في تصريح صحفي تابعته لـ" منصة واضح" أن بسبب الجفاف حصل نزوح جماعي بين مربي الجواميس والصيادين والعاملين في السياحة البيئية، وهم السكان التقليديون للأهوار. انهارت جميع المشاريع البيئية هنا. الأهوار التي كانت شريان حياة، أصبحت الآن تطرد أهلها. الجفاف يسيطر على معظم مناطق الأهوار والمناطق المحيطة بها".

وأشار إلى أن "الأهوار تحتاج إلى عمل جاد، وتقييم للأضرار البيئية لمعالجة المشاكل البيئية، وتوفير إدارة حقيقية لملف الأهوار، ودعم المشاريع المتضررة، خاصة في قطاعي الثروة الحيوانية والسياحة، مضيفًا إلى أن الجفاف وانخفاض مناسيب المياه، تسبب في كارثة بيئية حقيقية ونفوق كميات كبيرة من الأسماك، بالإضافة إلى نفوق جواميس الماء".

ويرجح رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية، أن "يزداد الوضع سوءاً، حيث أن الإيرادات المائية الواصلة إلى محافظة ذي قار وتحديداً إلى مناطق الأهوار لاتزال منخفضة بشكل حرج".

بات ملفّ المياه يشكّل تحدياً أساسياً في العراق، والذي يبلغ عدد سكانه أكثر من 47 مليون نسمة، وحمّلت بغداد مراراً جارتيها تركيا وإيران مسؤولية خفض منسوبات المياه بسبب بناء سدود على نهري دجلة والفرات.

وسبق للبنك الدولي، أن اعتبر أن غياب أي سياسات بشأن المياه قد يؤدي إلى فقدان العراق بحلول العام 2050 نسبة 20% من موارده المائية، فيما أعلن العراق في وقت سابق أن المشروعات المائية التركية أدت لتقليص حصته المائية بنسبة 80%، بينما تتهم أنقرة بغداد بهدر كميات كبيرة من المياه.

يعدّ العراق، الغني بالموارد النفطية، من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، وفق الأمم المتحدّة، خصوصاً بسبب تزايد الجفاف مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز في مرحلة من فصل الصيف خمسين درجة مئوية.

وتراسل الحكومة العراقية باستمرار كلاّ من طهران وأنقرة للمطالبة بزيادة الحصّة المائية للعراق من نهري دجلة والفرات، الا ان هاتين الدولتين لم تستجيبا لطلبات العراق المتكررة بهذا الصدد.

2-08-2025, 14:36
Go back