Homepage / خور عبد الله.. فخ التضليل الكبير: فاسدون ومطلوبون للعدالة يحولون الاتفاقية الوطنية لـ"منصة ابتزاز وتشويه"

خور عبد الله.. فخ التضليل الكبير: فاسدون ومطلوبون للعدالة يحولون الاتفاقية الوطنية لـ"منصة ابتزاز وتشويه"

 منصة واضح -تقرير

في الوقت الذي تحتاج فيه الساحة السياسية العراقية إلى الهدوء والرصانة، تنفجر فجأة قضية "اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله"، لتتحول من ملف قانوني وفني إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والإعلامية.

لكن المتابع لما يدور خلف الكواليس يدرك أن ما يجري ليس خلافًا مشروعًا حول السيادة، بل حملة تضليل ممنهجة يقودها سياسيون مدانون ومتهمون بقضايا فساد وأمن، يحاولون عبثًا التستر على ملفاتهم عبر إثارة الجدل وتجييش الرأي العام.
اتفاقية خور عبد الله: ما هي حقيقتها؟
الاتفاقية التي تم توقيعها في بغداد عام 2012 وصدق عليها مجلس النواب العراقي عام 2013، لا تتضمن تنازلاً عن أي شبر من الأراضي العراقية كما يُروّج. بل إنها، وفق نصوصها، تنظم الملاحة في الممر البحري المشترك المعروف بـ"خور عبد الله"، والذي تم ترسيم حدوده بموجب قرار مجلس الأمن الدولي (833) لسنة 1993 بعد الغزو العراقي للكويت.
الاتفاقية تنص بوضوح على عدم المساس بالحدود البحرية التي رسمها القرار الأممي، كما تمنح العراق امتيازًا فريدًا باستخدام المياه الكويتية لمسافة تصل إلى 15 كيلومترًا دون قيود، في مخالفة إيجابية لصالح العراق لقانون البحار. رغم هذه الحقائق القانونية، يصر بعض الساسة على تصوير الاتفاقية كـ"تنازل عن السيادة" في محاولة مكشوفة للتأجيج السياسي.
تضليل مدفوع بالأجندات والفضائح
من يقودون هذه الحملة ليسوا خبراء في القانون أو الدفاع عن السيادة، بل هم سياسيون متورطون بملفات فساد، وقضايا جنائية موثقة، وبعضهم صدرت بحقه أحكام باتّة. على رأس هؤلاء، وائل عبد اللطيف، النائب السابق والمحافظ الأسبق للبصرة، الذي يواجه سلسلة من القضايا:
حكم صادر بحقه عام 2021 عن تضليل الرأي العام بحق الامين العام لمنظمة بدر هادي العامري.
حكم آخر عام 2024 عن التهمة ذاتها بحق محافظ البصرة.
دعوى مفتوحة تتعلق بهدر المال العام أثناء توليه منصب المحافظ.
مخالفات مالية وادارية تتعلق بمكتب إسمنت غير مرخص ومخالفات بالتوزيع العقاري.
دعاوى ضد أبنائه بتهم التهديد، خيانة الأمانة، التزوير، واستغلال الوظيفة العامة.
نواب في مرمى العدالة
الحملة لا تقتصر على عبد اللطيف، بل تشمل أسماء برلمانية بارزة:
النائب رائد المالكي: مطلوب للقضاء بتهمة تضليل الرأي العام بادعاءات ضد رئيس الوزراء تتعلق بقضية المحكمة الاتحادية.
النائب عامر عبد الجبار: يواجه شكوى جزائية من رئيس الوزراء بسبب تصريحات مسيئة.
النائب أمير كامل المعموري: متهم بالإساءة والتحريض ضد شركة خاصة عبر منشور إلكتروني.
النائب ياسر الحسيني: يواجه شكوى من شركة تركية بسبب اتهامات غير موثقة بالتزوير.
المحكمة الاتحادية.. وقرارها المنقوض
المفارقة أن نفس المحكمة التي أصدرت قرارًا في 2023 يُطعن به الآن، كانت قد فصلت نفس الموضوع في 2014 بقرار بات ونهائي. ورغم أن النظام الداخلي للمحكمة لا يجيز العدول عن "الأحكام" بل عن "المبادئ" فقط، فقد تم إحياء القضية عبر تنسيق سياسي مشبوه بين رئيس المحكمة السابق جاسم العميري والنائبين المالكي والساعدي، مستندين إلى طعن شكلي لا يحمل مضمونًا قانونيًا حقيقيًا.
أكاذيب تُروّج باسم الوطنية
حتى مقال رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، الذي حمل عنوان "أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين", تم تحريفه وتقديمه على أنه تنازل رسمي عن السيادة. في حين أن المقال كان تحليلاً دستورياً معمقاً سلط الضوء على التضارب القضائي وتأثيره على الالتزامات الدولية للعراق، لا أكثر.
سيادة بالخطاب.. وخيانة بالأفعال
الخطير في هذا الجدل المصطنع أن من يقوده لا يقدمون بدائل قانونية ولا يتحدثون عن الحلول، بل فقط يؤججون الشارع دون إدراك أو تجاهل متعمد للعواقب. فإلغاء اتفاقية دولية موقعة ومودعة لدى الأمم المتحدة قد يعيد العراق إلى أجواء الفصل السابع، ويعرّضه لعقوبات دولية جسيمة.
وكذب وائل عبد اللطيف، رئيس مجلس القضاء القاضي فائق زيدان، وقال إن ما تحدث عنه لا ينطبق علينا! لأن ذلك مثبت في الدستور ومنذ 2005 حتى الآن. قبل الدستور الحالي كان هنالك قانون للاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وليس كل الاتفاقيات مع دول العالم مهمة.
بينما هاجم عضو مجلس النواب رائد، قرار القضاء العراقي، بعد إعلانه تأييد ودخول اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، حيز التنفيذ.
وقال المالكي في تدوينة أطلعت عليها منصة "واضح": "الأخوة الأعزاء هناك تضييق إعلامي على الأصوات الرافضة للتنازل عن عراقية خور عبد الله مقابل حملة كبيرة من الإعلام الحكومي والحزبي للترويج لدستورية اتفاقية خور عبد الله واعتبار الأصوات المعارضة أصوات شعبوية".
وتابع قائلاً: "ليس لدينا سوى موقفكم، وإعلامكم الشخصي... القضية جس نبض وسيعقبها إعدام لقرار المحكمة إذا لم يجدوا معارضة ورفض شعبي واسع"، مستدركا "فلا تقصروا.. اكتبوا وانشروا وشاركوا".
وختم بهاشتاك، "خور عبدالله عراقي".
بالمقابل، قاد النائب عامر عبد الجبار مع النائب امير المعموري حملة تحريضية لجمع تواقيع من زملائه وتقديمها للمحكمة الاتحادية لدعم قرارها بشأن إلغاء اتفاقية خور عبد الله مع دولة الكويت، داعياً إلى الخروج في تظاهرة.
وقال عبد الجبار: "اليوم تم اللقاء مع رئيس المحكمة الاتحادية، وسلمناه طلباً موقعاً من قبل 194 نائباً، موجه إلى المحكمة، ندعم من خلاله قرار المحكمة بشأن إلغاء اتفاقية خور عبّد الله".
وتابع عبد الجبار: "نحن الموقعين نطالب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء الاتفاقية"، داعياً العراقيين لـ"الخروج إلى الشارع بمظاهرات سلمية لدعم قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء الاتفاقية".
أما النائب ياسر الحسيني، فقد اتهم جهات عراقية بتقاضي امولا مقابل تسليم الخور الى الكويت.
وقال ان “مقالة رئيس مجلس القضاء القاضي فائق زيدان هي مجرد رأي وغريبة من نوعها على اعتبار ان القاضي لا يبدي رأياً سياسيا انما ينظر بما لديه”.
ولم تنتهِ سلسلة الاتهامات، إذ لفت رئيس كتلة حقوق البرلمانية النائب سعود الساعدي، الى ان هناك مؤشرات على وجود تدخلات بريطانية واميركية في ملف خور عبد الله.
 
وقال الساعدي ان "هناك لوبي عراقي بنفس كويتي يعمل على تقديم الهدايا مقابل السكوت عن ملف خور عبد الله، ولا يوجد مبرر لسكوت الحكومة العراقية عن هذا الملف". انتهى
لا سيادة بالكذب.. ولا وطنية بالتزوير
ما يجري ليس جدلاً قانونيًا مشروعًا، بل مسرحية تهريجية يقودها متهمون يسعون للنجاة من المحاسبة. من يرفع شعار الوطنية والسيادة عليه أن يكون نزيهًا في خطابه، لا أن يستعمل الأكاذيب للتشويش على الرأي العام. السيادة لا تُحمى بالزيف، والوطن لا تُدافع عنه الأبواق المتورطة بقضايا فساد وجريمة.
المعركة الحقيقية ليست في خور عبد الله، بل في تطهير مؤسسات الدولة من أولئك الذين يبيعون الحقيقة ويشترون الفوضى.
29-07-2025, 08:50
Go back