عقد مجلس الوزراء جلسته الاعتيادية التاسعة والعشرين اليوم الثلاثاء، برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث ناقش عدداً من الملفات الحيوية واتخذ سلسلة قرارات شملت قطاعات السكن، المالية، الطاقة، التجارة، والصحة، في إطار جهود الحكومة للإصلاح وتلبية احتياجات المواطنين.
وفي ما يتعلق بملف الأراضي السكنية، أقرّ المجلس آلية جديدة لبيع قطع الأراضي للمواطنين تتضمن استيفاء 10% فقط من بدل البيع كمقدم، وتقسيط المبلغ المتبقي على مدى 20 سنة، كما تقرر إلغاء الشرط الزمني لتقديم طلبات التمليك المحدد بـ 90 يوماً، ورفع شرط عدم الاستفادة السابقة من الأراضي، استناداً إلى فتوى قانونية من مجلس الدولة.
كما صوّت المجلس على مجموعة من الإجراءات الخاصة بمنتسبي وزارة الدفاع، من بينها نقل ملكية الأراضي إلى البلديات وتسليمها إلى المستثمرين لتنفيذ البنى التحتية، مقابل تخصيص معظم المساحة لمنتسبي الدفاع، ومنح الجزء المتبقي للمستثمرين لإقامة مشاريع سكنية. وتم اتخاذ قرارات بتبديل بعض الأراضي في محافظة نينوى لتسهيل الإجراءات الاستثمارية.
في السياق ذاته، استضاف المجلس اللجنة التحقيقية المكلفة بكشف ملابسات الحريق الذي وقع مؤخراً في مدينة الكوت، حيث عرضت اللجنة تفاصيل التحقيق الأولي والتوصيات التي تم رفعها، وسط تأكيد من رئيس الوزراء على محاسبة المقصرين واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار الحادث.
وعلى الصعيد المالي، صوّت مجلس الوزراء على حزمة من الإصلاحات والإجراءات الضريبية التي تهدف إلى تعظيم الإيرادات غير النفطية، منها إلزام الشركات الحكومية بتحويل استقطاعات عقود المقاولات إلى الهيئة العامة للضرائب، وفرض ضرائب على الأرباح الناتجة عن التنازل عن المشاريع الاستثمارية، وعلى إيرادات الإيجار السكني.
كما وافق المجلس على تسهيلات كبيرة في قطاع التجارة، من بينها إلغاء إجازات الاستيراد لزيوت المحركات وقطع الغيار المستعملة، بشرط مطابقتها للمواصفات، وإلغاء التأمين الإلزامي على الاستيراد، إلى جانب اعتماد البيان الكمركي المسبق كشرط أساسي للتحويل الخارجي اعتباراً من 1 كانون الأول 2025، ضمن سياسة الحكومة لضبط الاستيراد وتعزيز الجباية.
وفي القطاع النفطي، وافق المجلس على تنفيذ مشاريع استراتيجية تشمل إنشاء مجمع أنابيب تصدير جديدة، وشراء أجهزة حفر لصالح شركة الحفر العراقية لرفع كفاءتها التنافسية، كما قرر تمويل جزئي لمشروع أنبوب بصرة–حديثة من أموال البحث والتطوير، إضافة إلى استثناء شركة HKN ENERGY من شروط التأهيل، وتخويل وزارة النفط التفاوض مع شركة شيفرون الأمريكية بشأن تطوير رقع استكشافية وحقول نفطية جديدة.
وتماشياً مع توجه الحكومة في دعم الصناعة المحلية، قرر مجلس الوزراء فرض رسم كمركي إضافي بنسبة 40% على المواد اللاصقة للبلاط والسيراميك لمدة 4 سنوات، مع مراقبة السوق المحلية لضمان عدم الإضرار بالمستهلك.
وفي قطاع الصحة، وافق المجلس على استكمال عدد من المشاريع الصحية المتوقفة، من بينها إنشاء مستشفيات في الدجيل، التاجي، الطوز، الدور، سامراء، كركوك، المثنى، واسط، القائم، وحديثة، مع زيادة الكلف الإجمالية لتغطية تجهيزاتها الطبية والإدارية. كما صادق على تعديل قرار سابق لإنشاء جسر في منطقة القائم، مع تغيير أسلوب التعاقد من مباشر إلى مناقصة عامة.
وفي مجالات الإدارة والخارجية، وافق المجلس على نظام المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري لعام 2025، وعلى مشروع قانون تصديق اتفاقية النقل الجوي بين العراق والنمسا، وتعيين عدد من السفراء، وتخويل وزيرة المالية توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) لاعتماد نظام الفوترة المالية (BSP) داخل العراق.
كما ألزم المجلس الوزارات كافة وديوان الرقابة المالية بتطبيق أحكام تصفية الشركات الخاسرة بموجب المادة 14 من قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 المعدل، في خطوة تهدف إلى إصلاح الهياكل الاقتصادية للقطاع العام.
وتعكس قرارات مجلس الوزراء في جلسته اليوم توجهاً واضحاً نحو الإصلاح المؤسسي، وتقديم حلول واقعية لمشكلات متراكمة، من خلال إجراءات متوازنة تستهدف تحسين الخدمات وتعظيم الموارد، وتفعيل الشراكات الاستثمارية بما يخدم التنمية الوطنية.