Homepage / تقرير بريطاني يرسم تقديرات أولية للمشهد السياسي العراقي بعد الانتخابات

تقرير بريطاني يرسم تقديرات أولية للمشهد السياسي العراقي بعد الانتخابات

رسم موقع "أمواج" البريطاني صورة أولية وتقديرية للمشهد السياسي العراقي في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مؤكداً أن نتائج الاقتراع لم تحسم بعد مستقبل رئاسة الوزراء، وأن رئيس الحكومة الحالي، محمد شياع السوداني، قد يواجه صعوبة كبيرة في نيل فرصة ولاية ثانية، مما قد يدفعه للبحث عن تحالفات سياسية من خارج قوى الإطار التنسيقي التقليدية التي دعمت حكومته السابقة. وأوضح التقرير أن هناك احتمالاً لزيادة دور الولايات المتحدة الأمريكية في عملية تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، خصوصاً في ظل تراجع النفوذ الإيراني على المستوى الإقليمي، مما قد يعيد رسم المعادلات السياسية في بغداد.

وذكر التقرير أن المشهد السياسي الكوردي شهد، وفق وصفه، "بعض المفاجآت"، مشيراً إلى الأداء القوي والمفاجئ الذي قدّمه الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والذي تجاوز توقعاته بالحصول على حوالي 1.1 مليون صوت، وهو أعلى مستوى انتخابي يحققه حزب كردي في تاريخ الانتخابات العراقية. كما أشار التقرير إلى أن نسبة المشاركة العامة بلغت نحو 56٪، وهو رقم أعلى من نسبة المشاركة التي سُجلت في انتخابات عام 2021، على الرغم من الدعوات التي أطلقتها الحركة الصدرية لمقاطعة الانتخابات.

وأكد التقرير أن أي قائمة انتخابية منفردة لم تحصل على عدد مقاعد يسمح لها بتشكيل الحكومة بمفردها، موضحاً أن ائتلاف السوداني حصل على أكبر عدد من الأصوات، ولكنه يمثل فقط نحو 10٪ من بطاقات الاقتراع الكلية، ما يجعل تشكيل التحالفات الكبرى أمراً ضرورياً للخروج بأكبر كتلة قادرة على تشكيل الحكومة المقبلة. وأشار التقرير إلى أن المحكمة الاتحادية العليا ستقوم بالمصادقة على نتائج التصويت بعد أسابيع، في حين قد تظهر تحديات قانونية تؤثر على مسار مفاوضات التحالفات السياسية وتحديد شكل الحكومة المقبلة.

كما سلط التقرير الضوء على احتمالية إعادة رسم السلطة داخل المشهد السياسي الشيعي، خصوصاً مع قرار أحزاب الإطار التنسيقي التنافس بشكل منفصل عن بعضها البعض، بهدف زيادة عدد المقاعد التي يمكن أن تحصل عليها كل قائمة على حدة، إلا أن هذا التشتت السياسي أثار تساؤلات حول مصير التحالف النهائي الذي سيحكم البلاد. وذكر التقرير أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي قد يحصل على أكثر من 33 مقعداً، في حين أن قيس الخزعلي قد يكون مستعداً لتولي القيادة ضمن التيار السياسي المرتبط بالحشد الشعبي، خصوصاً بعد أن حصلت كتلة صادقون التي تمثل عصائب أهل الحق على حوالي 945 ألف صوت، مما قد يمنحها نحو 28 مقعداً داخل البرلمان الجديد.

وأشار التقرير كذلك إلى أداء تحالف قوى الدولة الوطنية بقيادة رجل الدين والسياسي الشيعي عمار الحكيم، حيث حصل التحالف على نصف مليون صوت، وهو ما يُترجم وفق التقديرات إلى حوالي 19 مقعداً، ويعتبر تحسناً كبيراً مقارنة بنتائج حركة الحكمة في انتخابات عام 2021، ويُنظر إليه على أنه مؤشر على إمكانية دعم السوداني في الحصول على ولاية ثانية، رغم أن هذا الدعم ليس مؤكداً.

وتناول التقرير المنافسة على قيادة التحالف المرتبط بالحشد الشعبي بين هادي العامري الذي قد يحصل حزبه على نحو 22 مقعداً، وقيس الخزعلي الذي يُنظر إليه على أنه يمثل تحولاً في الجيل السياسي الجديد داخل التيار المتحالف مع الحشد الشعبي. كما أشار التقرير إلى المشهد الكوردي، حيث حقق الحزب الديمقراطي الكوردستاني أداءً قوياً متجاوزاً هدفه بالحصول على أكثر من مليون صوت، وهو ما قد يمنحه نحو 29 مقعداً، بينما من المرجح أن يحصل الاتحاد الوطني الكوردستاني على مقعد إضافي ليصل إلى 18 مقعداً، مما يعكس تحولات في القوة التمثيلية للأحزاب الكردية داخل البرلمان الجديد.

وفيما يتعلق بالمشهد السني، أشار التقرير إلى أن محمد الحلبوسي يسعى إلى العودة إلى طليعة المشهد السياسي العراقي، لتعزيز حضور القوى السنية في عملية تشكيل الحكومة المقبلة، وضمان أن تكون مصالح هذه القوى ممثلة بشكل فعّال.

ورأى التقرير أن أداء السوداني يشير إلى أنه ربما يكون في وضع يسمح له بالتنافس على ولاية ثانية، وربما خارج التحالف مع الإطار التنسيقي الذي أوصله في البداية إلى رئاسة الحكومة، إلا أن التاريخ السياسي منذ عام 2005 يشير إلى أن مفاوضات ما بعد الانتخابات ستكون صعبة ومعقدة، وسط أحكام قضائية وقرارات سياسية مثل الكتلة الأكبر والثلث المعطل، والتي تعتبر محددات أساسية في عملية تشكيل الحكومة العراقية.

وأشار التقرير إلى أن المنافسة بين الكتل السياسية المهيمنة قد تؤدي إلى ظهور توترات داخلية، خصوصاً أن تحالف السوداني لا يزال هشاً، ويواجه رئيس الوزراء الحالي خيارات متعددة، بما في ذلك تشكيل تحالفات مع الأحزاب السنية والكردية مع بعض الارتباطات مع الإطار التنسيقي. وأضاف أن إمكانية حصول السوداني على دعم الأطراف التي أوصلته إلى السلطة في عام 2022 قد تمنحه فرصة الحصول على تفويض ثانٍ من ائتلاف إدارة الدولة الحالية، إلا أن هذا المسار غير مضمون ويعتمد على ديناميات التحالفات السياسية المقبلة.

واختتم التقرير بالإشارة إلى أن طهران وواشنطن ستراقبان نتائج الانتخابات باهتمام بالغ، حيث لعبت كل منهما دوراً تاريخياً في نتائج عمليات المساومة وتشكيل الحكومات العراقية السابقة. ورأى التقرير أن تراجع النفوذ الإيراني إقليمياً قد يزيد من قدرة الولايات المتحدة على ممارسة دور أكبر في بغداد خلال مرحلة تشكيل الحكومة، بينما أكدت منظمة بدر بزعامة العامري في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي أن "الشعب العراقي سيرفض أي تدخل أجنبي"، في موقف يعكس المزاج العام بين بعض القوى السياسية الواقعة تحت ضغط النفوذ الأمريكي.

واختتم التقرير بالقول إن الانتخابات الحالية تشير إلى تحولات كبيرة في الخرائط السياسية العراقية، مع استمرار الحاجة إلى مفاوضات دقيقة وتحالفات معقدة لتشكيل حكومة مستقرة وفاعلة، قادرة على إدارة شؤون البلاد ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية في المرحلة المقبلة.

13-11-2025, 23:07
Go back