تصاعدت التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مجددًا بعد أن أعلنت السلطات الإسرائيلية، يوم الخميس، استعدادها لتنفيذ ضربات جوية واسعة النطاق على كل لبنان في حال لم تلتزم الحكومة اللبنانية بكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، معتبرة أن الغارات التي نفذت اليوم ما هي إلا مقدمة لما هو قادم.
وأوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي رصد نشاطًا مكثفًا لحزب الله في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك محاولات التنظيم لإعادة بناء بنيته التحتية، وتهريب صواريخ، وتجديد التجنيد ضمن صفوف قوة الرضوان، مع التركيز على المناطق الداخلية والقرى الشيعية القريبة من الحدود، مشيرة إلى أن هذه العمليات تأتي لمنع الحزب من ترسيخ وجوده في تلك المناطق.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن الهجمات التي شنت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية تهدف إلى تحقيق هدفه المتمثل في نزع سلاح حزب الله، مع التحضير لاحتمال رد الحزب على هذه الضربات، حتى لو استمر القتال لعدة أيام. كما شدد الجيش على أن أي حادثة صغيرة قد تؤدي إلى دفع لبنان وحزب الله ثمنًا باهظًا، مشيرًا إلى أن التعليمات الخاصة بسكان الشمال لم تتغير حاليًا، وأن إسرائيل مستمرة في مراقبة الوضع عن كثب.
كما أشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن الهجمات نفذت بالتنسيق مع القوات الأمريكية المتمركزة بشكل دائم في قاعدة القيادة الشمالية منذ وقف إطلاق النار، مؤكدة أن إسرائيل تدرك أن على حزب الله نزع سلاحه وفق التزامات الحكومة اللبنانية، وأن وتيرة نشاط الجيش اللبناني لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب في جميع أنحاء البلاد، خصوصًا مع وجود كتائب شيعية لا تدخلها القوات الحكومية، ما قد يضطر إسرائيل إلى التحرك بشكل مستقل إذا لم يتم تسريع الإجراءات.
في المقابل، أعرب الرئيس اللبناني جوزيف عون عن إدانته الشديدة للهجمات الإسرائيلية، واصفًا ما جرى في جنوب لبنان بأنه جريمة مكتملة الأركان على المستويين القانوني والسياسي، مؤكدًا أن الغارات تشكل خرقًا صريحًا للسيادة اللبنانية وقرار مجلس الأمن رقم 1701، رغم استعداد لبنان للانخراط في مسار التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع إسرائيل.
وأوضح عون أن إسرائيل استغلت كل فرصة للتأكيد على رفضها لأي تسوية تفاوضية، معبرًا عن أن استمرار الهجمات يعكس تجاهل تل أبيب للخيارات الدبلوماسية المطروحة من قبل لبنان، مؤكدًا أن خيار التفاوض يظل السبيل المتاح لإعادة الاستقرار إلى الجنوب ووقف الاعتداءات، وأن خيار الحرب لن يؤدي إلى أي نتيجة ملموسة على الأرض.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الإعلام اللبناني بول مرقص بعد جلسة مجلس الوزراء أن الرئيس عون شدد على أن خيار التفاوض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لقي تأييدًا وطنيًا ودوليًا واسعًا، وأن هذا النهج يمثل الوسيلة الفعلية لوقف الاعتداءات المستمرة على الأراضي اللبنانية وإنهاء حالة الاحتلال.
كما أصدرت قيادة الجيش اللبناني بيانًا رسميًا أوضحت فيه أن إسرائيل أطلقت موجة واسعة من الاعتداءات على الجنوب، مستهدفة عدة مناطق وبلدات، من بينها كفر دونين، زوطر الشرقية، عيتا الجبل، الطيبة، وطير دبا، مدعية أن الغارات استهدفت بنية تحتية عسكرية تابعة لحزب الله، بينما اعتبرت القيادة أن هذه الاعتداءات تمثل استمرارًا للنهج التدميري الإسرائيلي الذي يهدف إلى ضرب استقرار لبنان وتوسيع الدمار في الجنوب، والحفاظ على حالة التهديد المستمرة ضد اللبنانيين، إضافة إلى منع الجيش اللبناني من استكمال انتشار قواته تنفيذًا لاتفاق وقف الأعمال العدائية.
وأكد الجيش اللبناني أن التنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل مستمر على مستوى عالٍ من الثقة والتعاون، لضمان متابعة التطورات على الأرض وحماية المدنيين، خصوصًا في المناطق الحدودية التي تتعرض للغارات بشكل متكرر.
وتأتي هذه التصريحات بعد سلسلة هجمات عنيفة شنتها إسرائيل اليوم على عدد من بلدات جنوب لبنان، حيث أصدرت قواتها إنذارات للإخلاء لسكان تلك المناطق، مما يزيد من حدة التوتر ويهدد بفتح صفحة جديدة من الصراع في المنطقة، مع استمرار المخاوف من تصعيد عسكري أوسع يطال كامل الأراضي اللبنانية.