واضح – سياسية 

من المقرر أن يتوجه مواطنو العراق وإقليم كردستان في (11 تشرين الثاني 2025) إلى صناديق الاقتراع لانتخاب الدورة السادسة لمجلس النواب العراقي، الذي يكلف البلد نحو نصف مليار دولار أمريكي في السنة الواحدة.

وفقاً لبيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، يتنافس في هذه الدورة الانتخابية 7768 مرشحاً في 18 محافظة للفوز بـ 329 مقعداً في مجلس النواب. على الرغم من الاختلاف الكبير في أعداد المرشحين من حيث التركيبة الديموغرافية للسكان في المحافظات، يمكننا القول إن العراق يحتل المرتبة الأولى في امتلاكه أغلى برلمان وأغلى نواب على مستوى الدول التي توجد بها برلمانات وأنظمتها فيدرالية (اتحادية)، وبفارق كبير يفصله عن البلد الذي يحتل المرتبة الثانية.

وفقاً لبيانات المفوضية، يزداد عدد التحالفات والأحزاب السياسية في العراق عاماً بعد عام، ويزيد عدد الذين يسجلون أنفسهم كمرشحين. على سبيل المثال، في الدورة الأولى للبرلمان، بلغ عدد المرشحين 6655 شخصاً، لكن عددهم في انتخابات الشهر المقبل يبلغ 7768 مرشحاً، أي بزيادة قدرها 16%.

على غرار أعداد المرشحين، شهدت نفقات مجلس النواب العراقي أيضاً ارتفاعاً مستمراً. فعلى سبيل المثال، وفقاً لبيانات وزارة المالية الخاصة بالنفقات، تزيد نفقات المجلس ومؤسساته سنوياً بمعدل 3.1% إجمالاً، وخلال السنوات العشر الأخيرات (2015-2024) ارتفع إجمالي النفقات بنسبة 30%، حيث كان مجموع النفقات في العام 2015 يبلغ 470 مليار دينار، لكنه بلغ 612 مليار دينار في العام 2024 كما هو موضح في الرسم البياني الأول.

من نسبة الزيادة البالغة 30% خلال العقد الأخير، كانت غالبية زيادة النفقات للتوظيف على النحو الآتي: بلغت نفقات الرواتب 18%، حيث ارتفع مجموع النفقات المخصصة فقط لرواتب موظفي مجلس النواب والمؤسسات المستقلة التابعة لمجلس النواب العراقي من 469 مليار دينار إلى 607 مليار دينار في السنة.

وفقاً لبيانات الاتحاد البرلماني الدولي (IPU) وتقرير برلمان ويلز في بريطانيا لمقارنة رواتب النواب في برلمانات 16 دولة حول العالم، فإن النائب العراقي هو الأغلى، حيث يصل راتبه السنوي إلى 216 مليون دينار، وهذا يعادل ثلاثة أضعاف راتب نائب في دول مثل السويد وأيرلندا وفرنسا ونيوزيلندا وفنلندا. كما أنه ضعف راتب نواب دول مثل بريطانيا وأمريكا وألمانيا.

أدى هذا التوزيع لثروة النفط على هذه المؤسسة إلى أن يصبح برلمانيو العراق أغلى البرلمانيين على مستوى المنطقة ودول أوروبا، بل وحتى أكبر دولتين ديمقراطيتين في العالم وهما بريطانيا وأمريكا، بحيث يبلغ الراتب الأساس السنوي للنائب العراقي 96 مليون دينار بدون رواتب الحراس، حيث تم تخصيص 16 حارساً لكل نائب في هذه الدورة، وكان عددهم في السابق 40 حارساً.

في الواقع، تنكشف الأرقام في العراق بسبب التناقضات أكثر من كشفها من خلال المنشورات الرسمية. على سبيل المثال، صرّح أحد النواب العراقيين مؤخراً أنه يعطي شهرياً نصف راتبه البالغ تسعة ملايين دينار لحزبه، وبهذا يكون النائب قد تقاضى 18 مليون دينار شهرياً كراتب. وإذا حسبنا رواتب الحراس على نفقة النائب في العراق، فإن المجموع الإجمالي يصل إلى 288 مليون دينار سنوياً، ليتقدم بفارق كبير على رواتب جميع النواب في الدول الواردة في الجدول الأول.

المصادر: اللجنة المستقلة للأجور والرواتب في ويلز، الاتحاد البرلماني الدولي (IPU)، البيانات العالمية حول البرلمانات الوطنية، الكونغرس الأمريكي، راتب النائب في العراق.

ملاحظة 1: تم احتساب الجنيه بـ1.34 دولار وبـ0.00085 دينار

ملاحظة 2: يزداد هذا الراتب الأساس حسب الشهادة، إذا كان النائب حاصلاً على ماجستير أو دكتوراه.

ملاحظة 3: بيانات "العراق - راتب النائب" مأخوذة على أساس منشور نائب من كتلة العدلة في الدورة الحالية للبرلمان.

ملاحظة 4: كان عدد الحراس في الدورات السابقة 40 حارساً وحالياً 16 حارساً، لكن يختلف نمط هؤلاء الـ16 حارساً من نائب لآخر.

بينما يُعد مجلس النواب والنواب العراقيون الأغلى على مستوى دول العالم، فإنه وفقاً لمؤشر فريدم هاوس للحرية والديمقراطية، فإن العراق ليس فقط غير حر، بل حصل في التصنيف على درجة 31/100. جاء في تقرير المؤسسة للعام 2024 حول عملية الديمقراطية في العراق: "يُجري العراق انتخابات منظمة وتنافسية، وتشارك وتُمثَّل المجموعات الحزبية والدينية والإثنية المختلفة في البلاد بشكل عام في النظام السياسي؛ لكن في الواقع، تتم إعاقة الحكم الديمقراطي في العراق واعتراض سبيله بالفساد والميليشيات التي تعمل خارج إطار القانون وبضعف المؤسسات الرسمية. ينتهك مسؤولو الدولة والميليشيات القوية بشكل منهجي حقوق المواطنين عبر الوسائل القانونية وغير القانونية".

علاوة على ذلك، إذا حللنا أعداد المرشحين حسب نسبة السكان والديموغرافيا، فإن لكل حوالي 80 أسرة في العراق مرشح للبرلمان تقريباً. هذا بينما يلاحظ عدم مساواة كبير من حيث الجنس بين المرشحين، فحسب آخر تعداد ديموغرافي لسكان العراق، تبلغ نسبة الذكور 50.1% والإناث 49.9%، لكن نسبة المرشحين الذكور للبرلمان 69.8% والإناث 30.2%، معظمهن من اللواتي تم ترشيحهن للفوز بمقاعد كوتا النساء في الدوائر الانتخابية.

ختاماً، تأتي هذه النفقات البالغة ملياري دولار لكل دورة برلمانية ومؤسساتها المستقلة في العراق بينما لا يزال البلد يعتمد في معظم القوانين على قوانين صدرت قبل العام 2005، ولم يتمكن من إصدار قانون النفط والغاز الذي يشكل 91% من إيرادات الدولة و85% من نمو الناتج المحلي الإجمالي.