أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة شاملة لإنهاء الحرب في غزة، تقوم على إنشاء هيئة دولية جديدة تحمل اسم "مجلس السلام" يتولى هو شخصياً رئاستها، مؤكداً أن هذه المبادرة حظيت بموافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأنه يتوقع في الوقت نفسه "رداً إيجابياً" من حركة حماس. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده ترمب مع نتنياهو في البيت الأبيض، حيث وصف الرئيس الأميركي هذا اليوم بأنه "تاريخي للسلام"، مشيراً إلى أن الخطة التي طرحها لا تقتصر على وقف الحرب في غزة، بل تمثل جزءاً من رؤية أوسع لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وأوضح أن الاجتماع الذي جرى بينه وبين نتنياهو تناول ملفات حيوية عدة، من بينها إيران والتجارة وتوسيع اتفاقات أبراهام، إلى جانب بحث سبل إنهاء الحرب في القطاع.
وأكد ترامب أنه أجرى مشاورات مكثفة مع دول عربية وإسلامية وأوروبية، وأعلن رسمياً عن مبادئ هذه الخطة، موجهاً شكره لتلك الدول على ما وصفه بالدعم الكبير للمقترح، والمشاركة الفاعلة في تطويره. وأوضح أن المقترح يقضي بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن المتبقين في غزة خلال مدة لا تتجاوز 72 ساعة من تاريخ موافقة حماس، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لم تدخل في تواصل مباشر مع الحركة، وإنما تولت هذه المهمة دول عربية وإسلامية. غير أنه شدد على أن رفض حماس للخطة سيقود إلى استكمال إسرائيل، وبدعم كامل من الولايات المتحدة، عمليتها العسكرية حتى تدمير قدرات الحركة بشكل كامل.
وأشار ترامب إلى أن المبادرة تشكل فرصة للفلسطينيين لتحمّل المسؤولية ورسم مستقبل أفضل، داعياً إياهم إلى إدانة الإرهاب بشكل صريح واتخاذ إجراءات عملية لمكافحته، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستكون إلى جانبهم في المجالين الأمني والتنموي في حال أبدوا التزاماً حقيقياً بالسلام. كما شدد على أن السلطة الفلسطينية ستكون أمام اختبار صعب، إذ لن يُكتب لها أي دور في المستقبل ما لم تجرِ إصلاحات جذرية وحقيقية تتماشى مع الرؤية الجديدة التي طرحها. وبيّن أن الخطة المكونة من عشرين بنداً تركز على إنهاء الحرب بشكل فوري، واستعادة الرهائن، وتحقيق الأمن لإسرائيل، وتهيئة الظروف لنجاح الفلسطينيين.
من جهته، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن دعمه الكامل للمبادرة، واصفاً إياها بأنها "خطوة حاسمة" نحو إنهاء الحرب وتحقيق سلام مستدام. وقال إن الخطة تحقق جميع أهداف إسرائيل من الحرب، بدءاً من استعادة الرهائن وتفكيك القدرات العسكرية لحماس، وصولاً إلى ضمان عدم تحول غزة مرة أخرى إلى مصدر تهديد. وأوضح أن إسرائيل تمنح الجميع فرصة لتنفيذ هذه الرؤية سلمياً، لكن في حال رفضت حماس، فإن إسرائيل ستكمل المهمة بالقوة العسكرية. وأكد أن "الأمر يمكن إنجازه بالطرق السهلة أو الصعبة، لكنه سيتم في النهاية"، معتبراً أن التعاون مع الولايات المتحدة بقيادة ترمب يمثل شراكة غير مسبوقة عززت قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها.
كما شدد نتنياهو على أن مستقبل غزة لن يكون في يد حماس أو السلطة الفلسطينية ما لم يحدث تحول جذري في الأخيرة، مؤكداً أن الإسرائيليين لا يثقون بإمكانية حدوث مثل هذا التغيير، وأن خطة ترمب تطرح مساراً عملياً وواقعياً لإدارة القطاع مستقبلاً من قِبَل أطراف ملتزمة بالسلام الحقيقي. وفي المقابل، أوضح ترمب أنه تحدث مع قادة دول عدة، منها السعودية وقطر والإمارات والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان ومصر، إضافة إلى انخراط دول أوروبية، في إطار بلورة المبادرة.
ولم يغفل الرئيس الأميركي البعد الإقليمي الأوسع، إذ أعرب عن أمله في أن تنضم إيران مستقبلاً إلى اتفاقات أبراهام، مؤكداً أنه يعتقد بإمكانية حدوث ذلك رغم الخلافات العميقة، ومشيراً إلى أن الضربات الجوية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية لم تغلق الباب أمام أي تفاهم محتمل. وختم ترمب حديثه بنبرة تجمع بين الجدية والمزاح، حين قال إنه لم يطلب رئاسة "مجلس السلام" لكنه قَبِلها باعتبارها مسؤولية تاريخية، مضيفاً بابتسامة: "هذا ما أحتاجه تماماً، المزيد من العمل الإضافي، لكنه عمل يستحق العناء".