منصة واضح - تقرير
على غرار قضية "سامكو" التي شغلت العراقيين في تسعينيات القرن الماضي، يتجمع المئات من المواطنين اليوم أمام المحاكم، بعد أن وحّدتهم قضية واحدة: محاولة استرداد أموالهم المفقودة إثر انخراطهم في ما سُمّي ببرنامج "سنتات للاستثمار" الذي تحوّل إلى فضيحة مالية كبرى.
المدير العام للبرنامج، عادل علي صبيحان، الذي قدّم نفسه كـ"رجل استثمار ناجح" و"صاحب مشاريع مستقبلية"، سرعان ما تحوّل إلى المتهم الأول في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل. فقد اكتشف المشتركون أنهم وقعوا ضحية وعود كاذبة، بعد أن دفعوا مبالغ ضخمة على أمل الحصول على أرباح سريعة، لكن تلك الأرباح لم تكن سوى وهمٍ كبير.
بحسب الوثائق الرسمية، تقدّم عشرات المواطنين بشكاوى قضائية أمام محاكم التحقيق في واسط وصلاح الدين ومحافظات أخرى، يطالبون فيها بمحاسبة مدير البرنامج وإرجاع أموالهم. المحاضر القضائية تشير بوضوح إلى أن القضية لم تعد فردية، بل أخذت شكل "ملف وطني" بعد أن تجاوز عدد المتضررين مئات الأشخاص، وخسائرهم قُدّرت بمليارات الدنانير.


لم يتأخر جهاز الأمن الوطني في التعامل مع القضية، إذ نفّذ عمليات واسعة أفضت إلى إلقاء القبض على 36 وكيلاً للبرنامج في مختلف المحافظات العراقية.
هؤلاء الوكلاء كانوا يمثلون الأذرع التنفيذية للبرنامج، يجمعون الأموال ويقدّمون الوعود البراقة للناس، قبل أن ينكشف المستور.
الكثير من المشتركين اعترفوا بأنهم انجذبوا بفعل العاطفة والطمع، وأن وعود "الأرباح الخيالية" جعلتهم يضعون مدخرات سنوات في هذا المشروع.
بعضهم باع ممتلكاته، وآخرون اقترضوا، ليكتشفوا في النهاية أن الأموال "تقلّبت في دبي بسبعة مليارات" كما وصفها بعض الضحايا، بينما تركوا هم يواجهون الفراغ والخسارة.
الملف الآن بيد القضاء، والتحقيقات متواصلة مع المتهم الرئيس وعدد من شركائه، في وقت يترقب فيه الشارع صدور أحكام قد تكون رادعة، ليس فقط لحماية أموال الناس، بل لإعادة الثقة إلى المنظومة المالية والاجتماعية.
يبدو أن قصة "سنتات" لن تُنسى بسهولة؛ فهي عبرة قاسية عن كيف يمكن للطمع أن يُعمينا عن علامات التحذير، وكيف يمكن للاحتيال أن يتخفّى تحت عباءة الاستثمار.

وتكفل منصة "واضح" حق الرد لمن ورد أسمه.