منصة واضح - متابعة
في أحياء منسيّة يعيش (الأفرو-عراقيون) ذوو البشرة السمراء، بمحافظات متعددة، لكنّ البصرة موطنهم الرئيس، إلا أنهم أصبحوا هدفاً لسماسرة بيع الأعضاء البشرية، مستغلين أوضاعهم المعيشية الصعبة، في ظل غياب الحماية القانونية، بحسب حديث متخصصين.
وفي هذا الإطار، قالت ممثلة ذوي البشرة السمراء ومستشارة تحالف الأقليات زينب كرملي، إن "هناك سماسرة محليون في الساحات الرياضية والأحياء الصناعية والمقاهي الشعبية، في جال تجارة الأعضاء البشرية، حيث تتجمع أعداد كبيرة من الناس. العائلات السمراء تعيش في بيئات بائسة ما جعلهم ضحايا سهلة لهؤلاء الوسطاء وغالبية بائعي الأعضاء البشرية، لا يدركون المخاطر الجسمية بعد نجاح العملية بسبب قلة الوعي الصحي والإدراك".
كيف يتم البيع؟
وتابعت، "غالباً ما يبدأ بيع الكلى باتفاق مبدئي عبر الهاتف أو لقاء مباشر يلي ذلك فحص طبي في عيادات أو مختبرات للتأكد من ملاءمة الكلية".
وأضافت أن "السعر يتراوح بين 12 و48 مليون دينار عراقي، بحسب المدينة والمشتري، فيما يقتطع الوسيط نسبة ضخمة تصل أحيانا إلى 50٪ ويبقى البائع الطرف الأضعف بلا قدرة على التفاوض".
وبيَّنت أن "العمليات تتم في مستشفيات خاصة أو عيادات مرخصة ظاهرياً؛ لكن الأوراق تُسجل على أنها تبرع مجاني لتجنب الملاحقة القانونية"، مشيرة إلى أن "بعض المستشفيات متهمة بتسهيل الفحوص وتقديم تقارير طبية مزيّفة، فيما أغلقت وزارة الداخلية ووزارة الصحة عدة مراكز ومكاتب وهمية متورطة في التجارة".
وأوضحت كرملي، أن "الوسيط يعدّ الحلقة الأقوى. يحدد السعر ويجني أرباحاً ضخمة من الفرق بين ما يدفعه المشتري وما يحصل عليه البائع. المستشفيات تحصل على نصيبها عند تسجيل العملية كتبرع مجاني بينما البائع يحصل على مبلغ ضئيل جداً، الوسطاء ينشطون عبر صفحات التواصل الاجتماعي بعنوان تبرع بالأعضاء أو أريد بيع كليتي بمبالغ تتراوح أحيانا بين 10 ملايين دينار أو أقل".
مئات الضحايا ومبالغ ضخمة
ولفتت كرملي إلى، أنه "رغم غياب إحصاءات رسمية، تشير الشهادات المحلية إلى أن الأفرو-عراقيون هم الأكثر استهدافاً في سوق تجارة الكلى، وفي هذه السنة بلغت نسبة البائعين أكثر من 350 شخصاً خلال نهاية العام الماضي إلى الآن ما يعكس استمرار استغلالهم واستهدافهم".
وتابعت قائلة: إن "بيع الكلى يؤدي إلى أمراض مزمنة كالضعف الجسدي وفي بعض الوفاة. الضحايا يتحولون إلى حلقة ضعيفة أمام الشبكات ويختفي شعورهم بالأمان والكرامة بينما الوسطاء والمستشفيات يربحون مبالغ ضخمة".
وختمت حديثها قائلة: إن "أخطر عمليات التجارة هي تجارة الأعضاء، ومعالجة الظاهرة تتطلب جهوداً متكاملة، منها الحد من الفقر وتوفير فرص التعليم والعمل وتعزيز الحماية القانونية للأقليات المهمشة، وحماية البشر تبدأ بالكرامة والحفاظ على الجسد جزء لا يتجزأ من هذه الكرامة الإنسانية. إذا لم تتحرك الدولة والمجتمع المدني ستبقى تجارة الأعضاء انعكاساً مباشراً لهشاشة المجتمع وعدم المساواة".
إلى ذلك، تحدث علي العنكود، أحد الموظفين بمستشفى البصرة قائلاً: "في بعض المستشفيات والعيادات الخاصة تتم عمليات بيع الكلى رغم تسجيلها على أنها تبرع مجاني. غالبية البائعين يجهلون المخاطر الصحية طويلة الأمد بعد العملية، وتشمل هذه المخاطر ضعفاً جسدياً حاداً، وأمراضاً مزمنة خطيرة، وفي بعض الحالات تنتهي العملية بالوفاة".
وأضاف، أن "بعض الطواقم الطبية متواطئة بشكل غير مباشر من خلال تقديم تقارير طبية مزيّفة أو تسهيل الفحوصات الطبية تتركز هذه الممارسات على الفئات الأكثر هشاشة اقتصادياً واجتماعياً الذين يصبحون الحلقة الأضعف أمام الوسطاء والشبكات غير القانونية. غياب الرقابة والإجراءات القانونية الصارمة يزيد من احتمالية وقوع وفيات جديدة ويجعل محاسبة المسؤولين عن هذه التجارة أمراً شبه مستحيل".