منصة واضح - بغداد
في الوقت الذي تتأمل فيه المحافظات العراقية، الإطلاقات المائية لمساعدتها في مواجهة أزمة الجفاف الحادة، جاءت وزارة الموارد المائية لـ"تزيد الطين بلة"، بسبب ما اطلقته من مياه.
وتشهد عدد من المحافظات العراقية، خلال الأيام الماضية، أزمة متصاعدة في نوعية المياه الواصلة إلى محطات التصفية، وسط تحذيرات من جهات رسمية حول ارتفاع نسب العكورة، وانتشار الطحالب، والتلوث البكتيري، ما بات ينعكس على كفاءة عمليات التصفية والتعقيم ويهدد سلامة المياه المجهزة للمواطنين.
وكان تقرير سابق للمنظمة الدولية للهجرة قد بيّن أنّ "12 ألفاً و212 عائلة عراقية نزحت بسبب الجفاف في عشر محافظات بوسط البلاد وجنوبها"، علماً أنّ ذي قار وميسان والديوانية تتصدّر قائمة المحافظات المتضرّرة.
ويعد المخزون الاستراتيجي للمياه في البحيرات هو الأدنى في تاريخ الدولة العراقية منذ ثلاثينيات القرن الماضي والسبب الرئيسي لهذا التراجع يعود إلى انخفاض الإيرادات المائية من دول الجوار، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، بحسب بيانات رسمية.
"النجف تئن من التلوث"
الى ذلك، اعلنت مديرية ماء محافظة النجف، عن تسجيل حالات تلوث واضحة في مياه نهر الفرات، الأمر الذي تسبب بتأثيرات مباشرة على مشاريع تصفية وتعقيم المياه في عموم المحافظة.
وذكرت المديرية في كتاب رسمي موجه إلى ديوان محافظة النجف، ورد لـ"واضح"، أن "مسؤولي المشاريع المائية أبلغوا عن ظهور طحالب خيطية ومواد عضوية غريبة في مياه الفرات خلال الأيام الماضية، يُعتقد أن مصدرها هو الإطلاقات المائية السيئة والراكدة من المخزون الوطني القديم، ما أدى إلى انسدادات في فلاتر التصفية المستخدمة في المشاريع والمجمعات المائية، سواء العاملة بالضغط أو بالجاذبية".
وأضافت أن "هذه الظاهرة أثرت بشكل واضح على عمليتي التصفية والتعقيم، ما اضطر كوادر التشغيل إلى مضاعفة كميات الكلور ومواد التعقيم المستخدمة، رغم أن هذه الإجراءات تبقى حلولاً جزئية، كون المشاريع الحالية غير مصممة لمواجهة مثل هذه الحالات من التلوث الشديد".
وأشار الكتاب إلى أن "الجهات الفنية تواصل العمل على معالجة الانسدادات من خلال تكثيف عمليات الغسل العكسي للفلاتر وتنظيف أحواض الترسيب والموازنة والتجميع، لكن هذه الإجراءات أدت إلى انخفاض واضح في كميات المياه المجهزة للخطوط الناقلة وشبكات التوزيع في المحافظة".
ودعت مديرية الماء في ختام بيانها إلى "مخاطبة وزارة الموارد المائية ومديرية الموارد المائية في النجف، لتحمّل مسؤولياتها إزاء هذا التدهور الخطير، مؤكدة أن "مياه نهر الفرات الحالية لا ترقى لأن تكون مياه نهر جاري، بل أشبه بمياه مستنقعات آسنة".
وتشير تقارير دولية إلى أن العراق ضمن أكثر الدول عرضة للجفاف في المنطقة، ما يهدد أمنه الغذائي واستقراره الاجتماعي، خاصة مع محدودية الحلول الفعّالة المطروحة حتى الآن.
"كربلاء تعاني من التلوث"
بدوره، كشف مختبر الصحة العامة في دائرة صحة كربلاء عن تسجيل تلوث بكتيري في مياه الإسالة، وذلك بعد إجراء فحوصات كيميائية وبيولوجية لعينات جُمعت من مختلف محطات المياه في المحافظة.
ووفقاً لكتاب رسمي صادر بتاريخ 2 أيار 2025 اطلعت عليه "واضح"، وموجه إلى قسم الصحة العامة، أوضح مدير مختبر الصحة العامة، الصيدلاني عماد كريم عبد الكرعاوي، أن الفحوصات أُجريت بناءً على شكاوى متكررة من المواطنين بشأن تغيّر في نوعية مياه الإسالة.
وأشار التقرير إلى أن نتائج التحاليل كشفت عن وجود بكتيريا Pseudomonas، إلى جانب ارتفاع في نسبة العكورة، ما يشير إلى خلل في سلامة المياه الواصلة للمواطنين.
ودعت دائرة الصحة، من خلال تقرير المختبر، الجهات المعنية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة مصدر التلوث وضمان سلامة المياه الموزعة على المواطنين، مؤكدة أهمية استمرار الرقابة الدورية والتنسيق بين دوائر الصحة والماء في المحافظة.
"العكورة تمليء مياه بابل"
من جانبها، أعلنت مديرية ماء بابل، عن تسجيل ارتفاع كبير في نسبة العكورة في المياه الخام، إلى جانب ظهور نوع من الطحالب، مرجعة السبب إلى اعتماد وزارة الموارد المائية على تصريف مياه من المخزون الوطني القديم.
وذكرت المديرية، في تنويه رسمي، اطلعت عليه "واضح" أن "المياه الحالية الواصلة لمحطات التصفية تعاني من عكورة عالية جداً ووجود طحالب، نتيجة تصريف مياه قديمة من المخزون المائي"، مؤكدة أن "هذه الحالة تفرض تحديًا كبيرًا على فرق العمل الفنية، التي تعمل حاليًا بحالة استنفار كامل لتصفية المياه وضمان إيصالها صالحة للمواطنين".
وأشارت إلى أن "الماء المنتج من المحطات يخضع لفحوصات مختبرية دقيقة لقياس نسب الكلور والتأكد من مطابقته لمعايير الصحة والسلامة".
وأكدت المديرية التزامها بمواصلة الجهود ومتابعة الوضع المائي بالتنسيق مع الجهات المعنية، داعية المواطنين إلى التعاون وتفهم الظرف الاستثنائي.
وتؤكد منصة "واضح" تكفّلها بحق الرد لجميع الجهات المذكورة في التقرير أعلاه، التزاماً منها بالقواعد المهنية للعمل الصحفي وحرصاً على نقل المعلومات بدقة وحيادية.