واضح – دولي
شهد شهر أغسطس/آب الفائت ارتفاعا قياسيا في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الحريات الصحفية في فلسطين، حيث ارتكبت إسرائيل 76 جريمة واعتداء بحق الصحفيين خلال الشهر الماضي، بارتفاع بلغت نسبته 23% عن شهر يوليو/تموز الذي سبقه (62 انتهاكا)، وفق ما وثقه مركز مدى الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية.
وشكلت الاعتداءات الإسرائيلية 96% من مجمل ما رصده مركز مدى من انتهاكات (79 اعتداء) في الشهر الماضي، في حين كانت مجلة "بيلد الألمانية" مسؤولة عن أحد الانتهاكات الثلاثة الأخرى، وتمثل بالتحريض ضد مراسل وكالة "الأناضول التركية" أنس فتيحة، واتهامه بالكذب في التغطية الإعلامية بعد نشر صورة وثقت لحظة هجوم الأطفال على تكية خيرية لتوزيع الطعام في مدينة غزة، في ظل سياسة التجويع الإسرائيلية المتفاقمة.
وأكد الصحفي فتيحة أن هذا التحريض قد أثر على عمله الصحفي مع بعض الوكالات الأجنبية المتعاقدة معه؛ فقد أوقفت العمل معه بضغط من الصحيفة الألمانية المحرضة، التي تتساوق في أفكارها وهجومها مع رواية الاحتلال الكاذبة، وفق "مدى".
أغسطس: صحفي شهيد كل يومين
وكان الشهر الماضي الأكثر دموية على الصحفيين الفلسطينيين، حيث استشهد خلاله 15 صحفيا، جراء استهدافات مباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلية، أي بمعدل صحفي شهيد في كل يومين.
كما ارتفعت الانتهاكات الإسرائيلية ضد الصحفيين في خطورتها وجسامتها، حيث عمدت قوات الاحتلال لاستهداف تجمعات الصحفيين مرتين، الأولى بقصف خيمة صحفيي شبكة الجزيرة قرب مستشفى الشفاء، واستشهد جراءه 6 صحفيين، خمسة منهم من طاقم "الجزيرة"، في حين أصيب ثلاثة آخرون بجراح خطيرة نتجت عن شظايا القصف.
بينما استهدفت إسرائيل في المرة الثانية تجمعا للصحفيين في مستشفى ناصر الطبي بغارتين متتاليتين، مما أدى لاستشهاد 5 صحفيين وإصابة أربعة آخرين، إصابات معظمها خطيرة، وأدت لعاهات مستدامة، وفق مركز مدى.
وقصفت إسرائيل 5 منازل لصحفيين، وأحرقت خيمتين اتخذهما الصحفيون مقرات للعمل الصحفي، وحرضت صفحة تدعى "إسرائيل تتكلم العربية" ضد الصحفي محمود أبو سلامة من قطاع غزة.
معاناة الصحفيين في الضفة الغربية
كما رصد "مدى" 20 اعتداء جسديا، 11 منها وقعت في الضفة الغربية، حيث اعتقلت قوات الاحتلال الصحفيين معاذ عمارنة، الذي جرى تحويله للاعتقال الإداري لمدة 4 أشهر، والصحفي أسيد عمارنة، وبقي مصيره مجهولا حتى اليوم، كما حاول جنود الاحتلال دهس صحفيين اثنين خلال تغطية اقتحام مدينة رام الله.
واحتجز عناصر الجيش الإسرائيلي طاقم "تلفزيون فلسطين" خلال تغطيته في منطقة المسعودية، وحذفوا المواد المصورة من الكاميرا، كما احتجزوا الصحفيين ناصر اشتية، وجمال ريان خلال وجودهما قرب أراضي قرية "بيت دجن" لتغطية البؤرة الاستيطانية هناك.
ومنعت قوات الاحتلال 21 من الصحفيين والطواقم الإعلامية من التغطية في المحافظات المختلفة، وداهمت مطبعة "أبو جودة للدعاية والإعلان" في مدينة الخليل وأتلفت بعض المعدات، وصادرت بعضها الآخر.
وكان أحد الانتهاكات التي سجلها "مدى" بتاريخ 4 أغسطس/آب الماضي، قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتمديد قرارها إغلاق مكتب قناة "الجزيرة" في مدينة رام الله لستين يوما أخرى، ويشار إلى أن إسرائيل أغلقت مقر مكتب القناة للمرة الأولى في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي 2024، بينما أغلقت مكتب القناة في القدس في الخامس من مايو/أيار في العام ذاته.
وبحسب مركز مدى، فإن قوات الاحتلال ارتكبت هذه الاعتداءات بصورة متعمدة وممنهجة ضد الصحفيين، رغم وضوح هوياتهم المهنية كصحفيين، بهدف التعتيم على جرائمها ضد المواطنين المدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية، خلال الحرب المستمرة منذ 23 شهرا.