أكد المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن العراق حقق نجاحاً بارزاً في ملف استرداد الأموال المهرّبة إلى الخارج، مشيراً إلى أن الجهود تسير وفق مسارين متوازيين يشملان أموال النظام السابق قبل 2003، وأموال الفساد التي تلت ذلك التاريخ.
وأوضح صالح أن الأساس القانوني لهذه الجهود يستند إلى قانون صندوق استرداد أموال العراق رقم (9) لسنة 2012 وتعديلاته بموجب القانون رقم (7) لسنة 2019، الذي منح الصندوق صلاحيات أوسع في ملاحقة الأموال المنهوبة، مع اعتماد حوافز للمخبرين وتشجيع التعاون الدولي من خلال اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، فضلًا عن توفير الدعم القضائي المتبادل مع عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية.
وبيّن أن الصندوق يرتبط مباشرة بمجلس الوزراء ويتمتع بالشخصية المعنوية، فيما يضم في مجلس إدارته ممثلين عن وزارات سيادية وهيئات رقابية وأمنية إلى جانب البنك المركزي، ما يوفّر غطاءً مؤسساتياً شاملاً لدعم مهامه. وأضاف أن الصندوق يمتلك آليات عمل دقيقة، منها فتح حسابات مغلقة في الداخل والخارج لإيداع الأموال المستردة، وإمكانية تقسيط المبالغ المستعادة خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر، فضلاً عن الاستعانة بخبراء محليين ودوليين لمتابعة الملفات المعقدة.
وأشار المستشار المالي إلى أن الأموال الملاحقة تنقسم إلى نوعين رئيسيين:
-
أموال النظام السابق: التي جُمّدت منذ عام 2003 استناداً إلى قرارات مجلس الأمن، حيث حُوّل جزء منها إلى صندوق تنمية العراق في حينه، فيما استُكملت الجهود الدبلوماسية لاسترداد البقية عبر قنوات رسمية.
-
أموال الفساد بعد 2003: التي يجري التعامل معها وفق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، وبالتنسيق بين هيئة النزاهة وصندوق الاسترداد وشركاء دوليين في إطار مبادرات مثل "StAR" ومذكرات تفاهم ثنائية متعددة.
وأكد صالح أن ما تحقق حتى الآن يمثل "نجاحاً باهراً" في هذا الملف المعقد، رغم جملة من التحديات، من بينها تفاوت الأنظمة القضائية بين الدول، وصعوبة إثبات الإثراء غير المشروع، وتعقيدات سرية المصارف والملاذات الضريبية، إضافة إلى بطء إجراءات المساعدة القانونية عبر الحدود. كما أشار إلى أن بعض التسويات الدولية قد تفضي إلى استعادة جزء من الأموال مقابل تخفيف عقوبات، وهو ما يثير جدلاً واسعاً بشأن جدوى الردع.
وختم صالح بالقول إن العملية ليست سهلة، كونها تتطلب جهداً فنياً وقانونياً متواصلاً على المستويين المحلي والدولي، ولا سيما في ما يتعلق بحصر العقارات والأصول العراقية في الخارج، مؤكداً أن التنسيق الوثيق بين الأجهزة الرقابية وصندوق الاسترداد يظل حجر الزاوية في هذه المعركة الطويلة لاستعادة حقوق العراق المالية.