منذ عام 2003، اعتادت الساحة السياسية العراقية على تحالفات متقلبة بين البيوت الكبرى (الشيعية، السنية، الكردية)، غالبًا ما حُكمت بحسابات آنية أكثر من كونها نابعة من رؤية استراتيجية طويلة الأمد. ومع اقتراب الانتخابات المقبلة، تبدو الانقسامات الداخلية ـ خصوصًا في البيت السني ـ عاملًا مؤثرًا قد يغيّر موازين القوى ويفتح الباب أمام تحالفات جديدة.
تتنامى الانشقاقات داخل القوى السنية بشكل غير مسبوق، حيث بلغت الخلافات مستويات متقدمة من التنافس والتسقيط المتبادل، ما قد ينعكس سلبًا على قدرتها على صياغة تحالفات متماسكة. في المقابل، يرى محللون أن هذا التشرذم يمنح البيت الشيعي مساحة أوسع للمناورة، وربما استقطاب بعض الأطراف السنية المتخاصمة لتكون جزءًا من تحالفاته المقبلة.
ويرى باحثون في الشأن السياسي أن خريطة التحالفات المنتظرة لن تكون أحادية اللون كما في السابق، بل ستتسم بتنوع أكبر قد يغيّر من النمط التقليدي الذي ساد المشهد السياسي على مدى عقدين. ويشيرون إلى أن المواطن العراقي لم يعد يقتنع بالشعارات القديمة، بل يبحث عن قوى قادرة على تقديم خدمات ملموسة ومعالجات حقيقية للأزمات.
المراقبون يعتقدون أن المزاج الشعبي الضاغط، إلى جانب المتغيرات الإقليمية والدولية، سيدفع باتجاه تحالفات أكثر مرونة وواقعية، تقوم على الشراكة الفعلية لا التسويات المؤقتة. وفي هذا السياق، يُتوقع أن يحاول البيت الشيعي استثمار اللحظة لإعادة بناء شراكة سياسية أكثر رسوخًا، تختلف عن تجارب السنوات السابقة التي لم تحقق مستوى الطموح.
وبينما تتعمق الانقسامات داخل البيت السني، وتتسع حسابات البيت الشيعي، يبقى المشهد السياسي مفتوحًا على احتمالات متعددة، قد تنتهي إما بإعادة تدوير التحالفات التقليدية أو بظهور معادلات جديدة أكثر التصاقًا بمصالح الشارع العراقي.