منصة واضح - بغداد

في وقت ينتظر العراقيون فيه أن تكون المؤسسات الرسمية منصات للرقابة والتشريع والمساءلة، أثارت صفحة مجلس النواب الرسمية موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) بعد نشرها بيانات تهنئة حزبية موجهة إلى قيادةالديمقراطي الكردستاني بمناسبة الذكرى الـ79 لتأسيس الحزب، وذكرى ميلاد زعيمه مسعود بارزاني.

المنشورات التي تصدّرت الصفحة الرسمية للمجلس لاقت انتقادات حادّة، حيث عدها متابعون خروجًا عن إطار الحياد المؤسسي وانحرافًا عن الدور المتوقع من مجلس يُفترض أن يمثّل الشعب بكل مكوناته، لا أن يتحول إلى منبر لترويج رسائل سياسية لحزب بعينه.

وجاء في بيان رئيس مجلس النواب محمود المشهداني المنشور على صفحة الفيسبوك لمجلس النواب: "بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، نتقدّم بالتهنئة إلى الرئيس مسعود بارزاني وقيادة الحزب، مثمنين تاريخه النضالي ودوره في ترسيخ قيم الديمقراطية والتعددية في العراق".

كما أصدر نائب رئيس المجلس شاخوان عبدالله، بيان تهنئة آخر أشاد فيه بـ"المواقف التاريخية للحزب ومسيرته النضالية تجاه القضايا الوطنية والمصيرية"، مشيرًا إلى استمرار جهوده "في تحقيق العدالة وترسيخ حقوق الإنسان في كوردستان والعراق".

بيانات التهنئة وصفت الحزب بأنه "ركن أساسي في العملية السياسية"، واستذكرت دور مؤسسه الملا مصطفى بارزاني و"تضحياته من أجل الحرية".

انتقادات لاذعة واستفهامات مشروعة

سرعان ما امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات غاضبة، اذ رأى كثيرون أن تهنئة حزب سياسي عبر منصة مؤسسة تشريعية وطنية يُعد تجاوزًا للأعراف الدستورية والإعلامية.

الناشط منتظر المحمداوي كتب: "المجلس لازم يكون بعيد عن الشخصنة، وينشر فقط نشاطاته الرسمية، مو تهاني حزبية".

أما باسم محمد فهاجم المنشور بشدة، قائلاً: "موقع رسمي لمجلس النواب يهنئ شخص انفصالي؟! هل هذه هي حيادية مؤسسات الدولة؟"

وفي السياق ذاته، كتب طارق محمد: "استغلال واضح للصفحة لأغراض سياسية.. ما علاقة مجلس النواب بذكرى تأسيس حزب كردي؟".

المؤسسات الرسمية بين الحياد والمجاملة السياسية

يطرح هذا الجدل تساؤلات مهمة حول دور الإعلام الرسمي في المؤسسات السيادية، وحدود ما يمكن وما لا يمكن نشره باسم المؤسسة. فهل يُعد إصدار تهنئة لحزب سياسي من قبل جهة تشريعية تعبيرًا عن الاحترام الوطني؟ أم ترويجًا سياسياً لا يُفترض أن يصدر من منبر يمثل كل أطياف الشعب؟

في ظل غياب توضيح رسمي من الأمانة العامة للمجلس بشأن هذه المنشورات، يبقى السؤال معلقًا: هل ما نُشر اجتهاد فردي؟ أم توجه رسمي جديد؟