منصة واضح - كركوك
يمثل مهرجان التسوّق المصري في محافظة كركوك العراقية، واحداً من أبرز الفعاليات الاقتصادية والثقافية التي تشهدها المحافظة خلال الأعوام الأخيرة، إذ تحوّل من كونه معرضاً لتسويق البضائع والمنتجات، إلى تظاهرة تجمع بين التجارة والفن والثقافة.
النسخة السادسة من المهرجان جاءت لتؤكد هذا الطابع المميز، حيث امتزجت الأجواء التسويقية بالعروض الفنية والفعاليات الجماهيرية، ليصبح المهرجان محطة سنوية ينتظرها المواطنون في كركوك بشغف كبير.
ويتميّز المهرجان بتنوّع ما يقدمه من منتجات معروضة، إذ شملت الأجنحة المشاركة سلعًا سوقية مختلفة مثل المواد الغذائية، مستحضرات التجميل، الأثاث، المفروشات، الصناعات التقليدية والملابس.
وهذا التنوّع في المهرجان، منح الزوار فرصة للتسوّق وفق أذواق وميزانيات متعددة، وبأسعار وصفها المنظمون بأنها مقاربة للسعر المحلي العراقي، ما يعكس رغبة الشركات المشاركة في الوصول إلى المستهلك العراقي بشكل مباشر.
رئيس المهرجان، حازم فتحي، أوضح في تصريح صحفي تابعته " واضح "، أن "الحدث لا يقتصر على عرض البضائع المصرية فحسب، بل يضم كذلك منتجات سورية وأردنية وفلسطينية، إلى جانب مشاركة من دول عربية أخرى، الأمر الذي أضفى على المهرجان طابعًا عربيًا متنوعًا".
وأضاف فتحي، أن "المهرجان يشهد إقبالًا لافتًا من أهالي كركوك فضلًا عن حضور زوار من محافظات أخرى، وهو ما يعزز مكانته كملتقى اقتصادي وثقافي يتجاوز حدود المدينة".
ولم يكن الجانب الفني بعيدًا عن فعاليات المهرجان، فقد حرص المنظمون على استحضار رموز الفن العربي، حيث شهدت أجنحة المهرجان عرض صور للفنانة الكبيرة فيروز وسط أجواء موسيقية تحمل بصمتها، إلى جانب مشاهد للفنان المصري عادل إمام الذي يحظى بشعبية واسعة بين العراقيين، وهذه اللمسة الفنية منحت المعرض بُعدًا وجدانيًا، وربطت بين التسوّق والذاكرة الثقافية العربية المشتركة.
محمود المصري، أحد المشاركين في المعرض، قال لوكالة شفق نيوز، إن "المهرجان لم يقتصر على عرض المنتجات فقط، بل حمل معه روح مصر بفرعونيتها وحضارتها، فكانت فرقة الفراعنة حاضرة بأزيائها وعروضها التراثية، إلى جانب فرقة أم كلثوم التي أمتعت الجمهور بأجواء طربية خاصة، فضلًا عن الأكلات الشعبية المصرية مثل الكشري والفول والفلافل، وكل ما تشتهر به المائدة المصرية".
ويرى المصري أن هذه المشاركة الفنية والثقافية "أضافت قيمة كبيرة للمهرجان، وجعلت الحضور يشعرون وكأنهم في جولة بين شوارع القاهرة والإسكندرية وأسواقها الشعبية".
من جهته، وصف وديع المصري أحد العارضين، المهرجان بأنه "خطوة في تعزيز الثقافات بين الدول العربية، وفرصة اقتصادية تنعش الحركة التجارية في العراق وكركوك على وجه الخصوص".
وأكد أن "الإقبال الكبير من أهالي كركوك على شراء المنتجات، وخاصة الصناعية والغذائية، يعكس ثقة المستهلك بالبضائع العربية وجودتها".
أما الزبونة أسماء خالد، إن "المهرجان يعد فسحة اقتصادية مهمة لتنسيق الحركة السوقية في كركوك وزيادة عمليات البيع والشراء، كما أنه يعزز الثقافات العربية وتلاقحها، فأنت تشاهد مشاركة من مصر وفلسطين والأردن وسوريا ودول خليجية، وكل هذا يعطي انطباعًا جميلاً بأن هناك تواصلًا وتفاعلًا بين هذه الدول في فضاء اقتصادي وثقافي مشترك".
ولا يقف أثر المهرجان عند حد التبادل التجاري فحسب، بل يمتد إلى البُعد الاجتماعي أيضًا، لأن الحضور الكثيف للعائلات والأسر منح المكان طابعًا عائليًا، حيث تتحوّل جولة التسوّق إلى نشاط ترفيهي متكامل.
والأطفال كذلك وجدوا في الأجنحة المتنوعة مساحة للمرح والاكتشاف، فيما اعتبر الكبار أن المعرض فرصة للتبضع والاستفادة من العروض المميزة، في وقت يشهد فيه السوق العراقية تقلبات بالأسعار وتفاوتًا في جودة السلع المستوردة.
المتابع لأجواء المهرجان يلحظ أن الحضور الجماهيري لا يعود فقط إلى الرغبة في الشراء، بل يتجاوز ذلك إلى البحث عن تجربة جديدة تنقلهم إلى فضاءات ثقافية أخرى. بوجود الفرق الفنية، واستحضار رموز الفن العربي، وتقديم الأكلات الشعبية، جميعها عناصر جعلت المهرجان حدثًا متكاملًا يجمع بين الاقتصاد والفن والهوية الثقافية.
ويؤكد منظمو المعرض أن النجاح الذي حققته النسخ السابقة، وما شهده هذا العام من إقبال كثيف، يشير إلى أن مهرجان التسوّق المصري بات تقليدًا سنويًا راسخًا في كركوك، يساهم في تنشيط الحركة التجارية ويعزز من حضور المحافظة كوجهة اقتصادية وثقافية في آن واحد. وبينما يخرج الزوار بحقائب محملة بالمنتجات، يخرجون أيضًا بانطباع إيجابي عن تجربة تجمع بين التسوّق والترفيه والتلاقي الثقافي.
بهذه الملامح، لم يعد المهرجان مجرد سوق مؤقت للبضائع العربية، بل تحوّل إلى حدث سنوي يعكس عمق الروابط الاقتصادية والثقافية بين العراق ومحيطه العربي، ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل الشعبي مع المنتجات والفنون والتراث في إطار واحد.