تتجه الأنظار إلى ألاسكا حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قمة مرتقبة قد تشكل محطة فارقة في مسار الحرب الأوكرانية، وسط ترقب دولي وحذر أوكراني وأوروبي من مخرجاتها.
ورغم الترحيب الأوروبي المبدئي بالمسار التفاوضي الذي يقوده ترامب، فإن هذا الترحيب جاء مشروطًا بجملة من الضوابط، أبرزها الإبقاء على العقوبات المفروضة على موسكو، واشتراط وقف إطلاق النار قبل أي نقاش حول تبادل أراضٍ، إضافة إلى تقديم ضمانات أمنية واضحة وملزمة لأوكرانيا. وفي بيان مشترك، أكد قادة الاتحاد الأوروبي دعمهم للمسار الدبلوماسي، مع التشديد على أن الجمع بين التفاوض، واستمرار الدعم العسكري لكييف، ومواصلة الضغط على روسيا، هو السبيل الوحيد لسلام “عادل ودائم”.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رحّب بالبيان الأوروبي، مؤكدًا أن أي تسوية يجب أن تصون المصالح الأوكرانية والأوروبية معًا، وأن نهاية الحرب ينبغي أن تكون “عادلة”، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن أي اتفاق يُبرم من دون مشاركة كييف سيكون “ميتًا” ولن يحقق أي نتيجة، مجددًا رفضه القاطع للتنازل عن أي جزء من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف وصف تصريحات ترامب الأخيرة، التي ألمح فيها إلى إمكانية تقديم تنازلات من جانب أوكرانيا، بأنها “مفاجئة وصادمة” لكل من كييف وأوروبا، مؤكدًا أن الدستور الأوكراني يحظر أي تنازلات إقليمية. وأضاف أن أوكرانيا تملك ضمانات أمنية من قوى كبرى، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا نفسها، مما يجعل فكرة تبادل الأراضي “غير مقبولة إطلاقًا”. وأعرب عن قلقه من أن القمة قد تشهد اتفاقات ثنائية بين واشنطن وموسكو، بعيدًا عن أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يقود إلى “سلام على حساب أوكرانيا”.
كما أشار شوماكوف إلى أن موسكو قد تستغل المفاوضات لكسر عزلتها الدولية، فيما يسعى ترامب للظهور بمظهر “صانع السلام” دون ممارسة ضغوط حقيقية على روسيا، واصفًا الصيغة الحالية للمحادثات بأنها “خطيرة للغاية بالنسبة لأوكرانيا”.
من جانبه، رأى الكاتب والباحث السياسي بسام البني أن القمة قد لا تُحدث تغييرًا مباشرًا في موازين الحرب، لكنها ستركز على رسم “شكل الأمن الأوروبي” لما بعد الصراع، معتبرًا أن روسيا والولايات المتحدة ستكونان الطرفين الحاسمين في تحديد الإطار الأمني الجديد، بينما سيقتصر الدور الأوروبي على التكيف مع ما يُتفق عليه بين واشنطن وموسكو.
وأكد البني أن بوتين لن يتراجع عن أهداف عمليته العسكرية الخاصة، والتي تشمل ضمان الأمن الروسي، وتجريد أوكرانيا من السلاح، وإبعاد قوات الناتو عن حدوده. ورجّح أن تثمر القمة الأولى في ألاسكا عن “تخفيف محدود” للعمليات العدائية، ربما على المستوى الجوي، دون التوصل إلى وقف شامل للعمليات البرية.
ورغم وحدة الموقف الأوروبي المعلنة، فإن المخاوف تتزايد في العواصم الأوروبية من إمكانية تجاوزها في التسوية النهائية، خصوصًا إذا قررت واشنطن وموسكو المضي في اتفاق ثنائي يتجاهل الشروط الأوروبية ولا يضع المصالح الأوكرانية في الحسبان.