منصة واضح - البصرة
لا تزال قضية وفاة الطبيبة النفسية الشابة بان زياد طارق في محافظة البصرة، تتصدر اهتمام الرأي العام ومنصات التواصل الاجتماعي، وسط تباين كبير في الروايات والتفسيرات بين الجهات الرسمية والمصادر المقربة، مما جعل الحقيقة بعيدة عن متناول الجمهور، وضبابية في التفاصيل.

شرطة البصرة تصف الحادث بـ"الانتحار"
في اليوم التالي للحادث، أصدرت قيادة شرطة البصرة بيانًا أكدت فيه أن الوفاة ناجمة عن "حالة انتحار"، مرجعة السبب إلى اضطرابات نفسية كانت تعاني منها الطبيبة.

وأوضح البيان أن القيادة "باشرت، بالتنسيق مع الجهات التحقيقية المختصة، إجراءات التحقيق في حادثة وفاة طبيبة مختصة بالأمراض النفسية"، مشيرًا إلى أن ذوي الضحية أفادوا خلال التحقيق بأنها كانت تمر بظروف نفسية صعبة، وأنهم لم يتقدموا بأي شكوى رسمية بخصوص الحادث.

وأضاف البيان أن "مفارز الأدلة الجنائية نفذت كشفًا فنيًا دقيقًا على مسرح الحادث، شمل جمع الأدلة وتحريز الأداة المستخدمة، تمهيدًا لمعرفة الأسباب الحقيقية للوفاة"، مؤكدًا أنه تم نقل الجثة إلى دائرة الطبابة العدلية لاستكمال الفحوص الفنية، مع وعد بالإعلان عن النتائج حال اكتمال التحقيق.

ورغم مرور أربعة أيام، لم تصدر أي جهة رسمية، سواء من الشرطة أو دائرة صحة البصرة، توضيحًا جديدًا حول الحادث، رغم المطالبات المتكررة من جهات رسمية وشبه رسمية بكشف ملابسات القضية.

نقابة الأطباء: لا لتسريب الصور.. ونطالب بتحقيق شفاف
من جهتها، أعلنت نقابة الأطباء العراقية عن متابعتها الدقيقة للقضية، مطالبة بمحاسبة الجهات التي قامت بتسريب صور الطبيبة المتوفاة بشكل اعتبرته "غير أخلاقي".

وقال نقيب الأطباء وسام الرديني، في مؤتمر صحفي: "الحقيقة غُلِّفت بالإشاعات، ويجب ألا تُطمس تحت ضغط الرأي العام"، مضيفًا أن النقابة تدعو إلى موقف واضح وشفاف من الأجهزة الأمنية، ومحاسبة من تسبب في تسريب الصور.

وأكد الرديني أن النقابة لا تسعى إلى تبرير ما حدث، لكنها تطالب بأن يُترك القرار النهائي للطب العدلي والجهات المختصة، بعيدًا عن الضغوط الإعلامية أو إطلاق الأحكام المسبقة.

أمنية البصرة تطالب بتحقيق معمق: "تفاصيل كثيرة لا تزال غامضة"
بدوره، أكد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة، عقيل الفريجي، أن القضية ما زالت مفتوحة وقيد التحقيق، مشيرًا إلى أن المعطيات الأولية ترجّح فرضية الانتحار، لكن الملف لا يزال يحتوي على الكثير من الجوانب الغامضة التي تتطلب التمحيص والتحقيق المعمق.

وقال الفريجي في تصريحات صحفية: "الطبيبة بان زياد كانت تعمل في مستشفى البصرة التعليمي، وتقطن في حي الخليج. وهي شابة كانت تقدم خدمات حساسة في مجال علاج الأمراض النفسية، وهو عمل دقيق ومعقد، ولكن لكل إنسان خصوصيته وأسراره، التي ربما تكون وراء ما جرى".

وشدد على أن التحقيقات ما زالت جارية من قبل الجهات الأمنية المختصة، وتشمل مراجعة شاملة لمحيط الطبيبة، وسجل تحركاتها، والأحداث التي سبقت الحادثة بأيام.

وأكد الفريجي: "لن يُغلق التحقيق قبل استكمال جميع الجوانب، وسنعلن عن الحقيقة احترامًا لحرمة الفقيدة، وحق الرأي العام في المعرفة".

تحول في مسار القضية: تورط أحد أفراد العائلة؟
وفي تطور لافت، أكد مصدر أمني في قيادة شرطة البصرة، يوم السبت، لمنصة "واضح"، أن الأدلة الجنائية تشير إلى تورط أحد أفراد عائلة الطبيبة في الحادث.

وقال المصدر، إن "التحقيقات الفنية وتحليل الأدلة المادية أثبتت وجود شبهة جنائية، وتم اعتقال جميع أفراد العائلة لغرض استكمال الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم".

هذا التطور يضع الرواية الأولية حول "الانتحار" تحت مجهر التشكيك، ويفتح الباب أمام احتمال وجود جريمة قتل لم تُكشف دوافعها بعد، مما يحمّل الجهات الرسمية مسؤولية تقديم توضيح نهائي للرأي العام حول الحقيقة الكاملة.

وتبقى قضية وفاة الطبيبة بان زياد معلّقة بين رواية رسمية أولية تتحدث عن انتحار، وتطورات تحقيقية بدأت تشير إلى شبهات جنائية، وسط صمت رسمي مستمر، ومطالبات من نقابة الأطباء والجهات الأمنية بالكشف العاجل عن الحقائق.

حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لا يزال الرأي العام ينتظر بيانًا حاسمًا وشفافًا يضع نهاية لهذا الغموض، ويحدد المسؤوليات بدقة، احترامًا لروح الضحية، وإنصافًا للعدالة.