شهدت الأوساط الإسرائيلية صدمة كبيرة إثر نشر موقع إلكتروني مجهول قائمة تضم أكاديميين وعلماء إسرائيليين بوصفهم “أهدافاً للاغتيال”، وعرض الموقع مبالغ مالية مقابل تنفيذ اعتداءات ضدهم، وفق ما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت. وأكدت الصحيفة أن الموقع، الذي أطلق على نفسه اسم “حركة العقاب من أجل العدالة” (The Punishment For Justice Movement)، تضمن تهديدات محددة ومباشرة تجاه كبار الأكاديميين الإسرائيليين، واعتبرهم “مجرمين ومتعاونين مع الجيش الإسرائيلي”، و“ناشرين لأسلحة الدمار الشامل”، و“متورطين في قتل الأطفال الفلسطينيين”. وذكرت يديعوت أحرونوت أن الموقع يبدو أنه يدار من الولايات المتحدة أو دولة غربية أخرى، واستخدم وسائل تقنية عالية لحماية بياناته، بما في ذلك أسماء مستعارة ونظام تشفير متقدم، كما تضمن دعوات صريحة للعنف ومكافآت مالية لمنفذي الاعتداءات، وحتى معلومات اتصال بممثلين إقليميين، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه أمر لم يسبق له مثيل بحجمه وصراحته تجاه الأكاديميين الإسرائيليين.
وأوضحت الصحيفة أن الموقع نشر تفاصيل شخصية عن الأكاديميين المستهدفين، بما في ذلك عناوينهم وأرقام هواتفهم وأرقام هوياتهم، وفي بعض الحالات صور لجوازات سفر وتأشيرات أمريكية، إلى جانب صور لهم، وهو ما يمثل تهديداً مباشراً، خصوصاً عند سفر هؤلاء إلى الخارج. وقد تضمن الموقع قسمًا بعنوان “أهداف خاصة” يعرض أسماء وصور عشرات الباحثين في مجالات الكيمياء والفيزياء والهندسة والطب، بعضهم مرتبط بمشاريع صناعية وأمنية، مع عرض مبالغ مالية مقابل تنفيذ اعتداءات مختلفة، تتراوح بين تعليق لافتات أمام المنازل أو إحراق السيارات والمنازل، وصولاً إلى اغتيال الأشخاص، حيث ذكرت الصحيفة أن المكافآت قد تصل إلى 100 ألف دولار للاغتيال الواحد، و50 ألف دولار لمئات الأسماء الإضافية المدرجة في القائمة، من بينهم طلاب وباحثون آخرون.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن من بين الأسماء البارزة المدرجة في القائمة البروفيسور داني حاييموفيتش، رئيس جامعة بن غوريون ورئيس لجنة رؤساء الجامعات، والبروفيسور إليعازر رابينوفيتش من الجامعة العبرية، المعروف بعمله في مسرّع الجسيمات بسويسرا، إضافة إلى شيكما بريسلر، الفيزيائية في معهد وايزمان للعلوم، والتي تشارك في أبحاث مسرّع الجسيمات في منظمة CERN وتعد من القائدات في الاحتجاج ضد الإصلاح القضائي.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك الشاباك والموساد، قامت على الفور باتخاذ إجراءات للتحقيق في الموقع، وأصدرت تعليمات عاجلة للأكاديميين بزيادة الحذر واليقظة، وعدم نشر خطط السفر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه. ووصفت يديعوت أحرونوت هذه الحالة بأنها تصعيد خطير وغير مسبوق، مؤكدة أن نشر قائمة مفصلة لأهداف أكاديميين مع دعوات علنية للعنف وتقديم مكافآت مالية يمثل تهديداً مباشراً للباحثين والأكاديميين.
وأشار البروفيسور دانييل حاييموفيتش إلى أنه يشعر بقلق بالغ تجاه الخطاب التحريضي الذي يتجاوز النقد ويصل إلى التهديد المباشر بحياتهم، فيما وصفت لجنة رؤساء الجامعات الواقعة بأنها “تصعيد مروع”، داعية الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإغلاق الموقع ومحاسبة القائمين عليه، محذرة من أن تزامن التحريض الداخلي ضد الأكاديميين مع موجة معاداة السامية العالمية يخلق “خليطاً خطيراً قد ينتهي بإيذاء أرواح بشرية”. وأكد المجلس الإسرائيلي للتعليم العالي ولجنة التخطيط والميزانية أن ما حدث يمثل تجاوزاً صارخاً للأعراف الأخلاقية وتهديداً للحرية الأكاديمية، فيما دعت الرابطة الوطنية للطلاب والطالبات الحكومة والأجهزة الأمنية إلى التحرك الفوري لمواجهة الموقع ومن يقف وراءه، مشيرة إلى أن هذا الحادث يشبه محاولات تنظيمية إرهابية موجهة ضد المجتمع الأكاديمي.














