في خضم الصراع الإقليمي على مسارات الطاقة، يدرس العراق خيارات بديلة لكسر احتكار تركيا لصادرات النفط العراقي، مع تحركات تركية واضحة لمنع إعادة تشغيل خط أنابيب كركوك – بانياس الذي يربط العراق بسوريا. وتُعد هذه الخطوة استراتيجية لتحرير العراق تدريجياً من الاعتماد على تركيا كممر رئيسي للنفط المنتج في شمال البلاد، وتعزيز خيارات التصدير عبر البحر المتوسط.

خط كركوك – بانياس، المتوقف منذ عام 2003 بسبب الحرب في العراق، يتيح للعراق إمكانيات تصديرية أوسع، ويحد من النفوذ التركي الذي يستفيد سياسياً واقتصادياً من رسوم العبور عبر خط كركوك – جيهان. وتؤكد المعطيات أن أنقرة تستخدم أدوات دبلوماسية وأمنية لمنع أي تحرك جاد نحو تشغيل الخط السوري، مستفيدة من نفوذها العسكري والسياسي في شمال سوريا وعلاقاتها المعقدة مع المعارضة السورية.

ويُشير الخبراء إلى أن إعادة تشغيل الخط ستضع العراق في موقع أكثر استقلالية ضمن شبكة الطاقة الإقليمية، وتمكنه من تنويع حلفائه الاقتصاديين بين دمشق وطهران وموسكو، بعيداً عن السيطرة التركية التي تتأثر بتقلبات السياسة الدولية. ويأتي ذلك ضمن رؤية أوسع للعراق لضمان الاستقلالية الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية للنفط العراقي في الأسواق العالمية، عبر تنويع منافذ التصدير وإعادة تأهيل البنية التحتية النفطية المتضررة.

كما يمثل خط كركوك – بانياس جزءاً من مشاريع تنويع التصدير الأخرى التي يناقشها العراق، بما في ذلك ربط البصرة بميناء العقبة الأردني وميناء الدقم في سلطنة عمان، لتعزيز استقلالية البلاد وتخفيف أي ضغوط سياسية محتملة على قطاع الطاقة الوطني.

التحليل يشير إلى أن الصراع على خطوط التصدير أصبح اليوم أداة نفوذ سياسية بالقدر نفسه الذي يمثل فيه قيمة اقتصادية، ويظهر العراق أمام فرصة لإعادة رسم خريطة تصدير النفط بشكل يحفظ سيادته وقراره المستقبلي في المنطقة.