كشفت قطرات جديدة من المعلومات عن تفاصيل اتفاقية المياه بين العراق وتركيا، لتسلط الضوء على حلقة جديدة من هذا اللغز المعقد. حيث أوضح طورهان المفتي، مستشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، السبب وراء إدراج كلمة “نفط” في الاتفاقية التي تتعلق بالمياه، بدل دفع العراق لمبالغ نقدية مباشرة للشركات التركية كما جرت العادة في اتفاقات مماثلة، مثل المستشفيات التركية وغيرها.

المفتي أوضح أن الطرفين اختارا اللجوء إلى آلية النفط لتفادي التعثر المستمر في إقرار الموازنة داخل البرلمان، وضمان وصول مستحقات تركيا في مواعيدها دون أي تأخير أو عرقلة. ووفقاً لما شرحه المفتي، ستقوم الشركة التركية بشراء النفط العراقي—وتم تقديم مثال بخمسين ألف برميل يومياً—على أن تُودع عائداته في صندوق خاص، يضمن سداد مستحقات شركات تقنيات الري التركية، وفي الوقت نفسه يسمح لتركيا باستخدام النفط العراقي داخلياً أو بيعه حصرياً إلى السوق الأوروبية، وفقاً للبنود المنشورة رسمياً.

وعلى الرغم من أن المفتي قدم لمحة عن الاتفاقية، إلا أن العديد من الأسئلة الأساسية لا تزال بلا إجابة. مثل سبب حصر تركيا في بيع النفط إلى أوروبا فقط، وما معنى اشتراط العراق الحصول على 65٪ من أرباح تركيا من بيع النفط، في ظل أن تركيا ستشتري النفط وفق الأسعار العالمية. ويشير مراقبون إلى احتمال أن تحتوي الاتفاقية على تفاصيل غير معلنة حول خصومات أو أسعار مدعومة، تشبه آليات بعض الدول الأخرى، ما يفسر حرص بغداد على تقاسم الأرباح بشكل واضح.

ويشير المفتي إلى أن مدة الاتفاق تمتد 15 عاماً، في حين يظل الغموض يحيط ببعض الشروط التشغيلية والمالية للاتفاق.

وجاءت تصريحات المفتي بعد مؤتمر صحفي ثلاثي جمعه مع وزيري الخارجية والموارد المائية، فؤاد حسين وعون ذياب، حيث ركّز المسؤولون الثلاثة على نقطتين أساسيتين: الأولى، أن ما تم توقيعه هو “مذكرة تفاهم” وليست اتفاقية رسمية تتطلب موافقة البرلمان، والثانية، أن بغداد تعتبر هذا أول اتفاق يضمن استدامة تدفق المياه عبر نهري دجلة والفرات، ما يعزز أطر التعاون مع أنقرة على المدى الطويل.