منصة واضح - متابعة
يواجه قطاع الطاقة في كازاخستان مرحلة حرجة، حيث تمتلك البلاد احتياطيات نفطية وغازية هائلة في حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان، التي تنتج أكثر من 70% من إنتاجها النفطي.
وتجذب هذه الحقول استثمارات غربية كبيرة من شركات مثل شيفرون وإكسون موبيل وشل، مما يجعل كازاخستان شريكاً استراتيجياً "محتملاً" للولايات المتحدة المعنية بحماية استثماراتها، وتقليل نفوذ روسيا، بحسب تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست".
ويعتمد أكثر من 80% من صادرات كازاخستان النفطية على اتحاد خط أنابيب بحر قزوين الخاضع لسيطرة روسية، الذي ينقل النفط إلى ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود. وفي ظل الحرب في أوكرانيا، وتشديد العقوبات، وتصاعد انعدام الأمن، تحول هذا الاعتماد إلى خطر وطني يهدد الاستقلال الاقتصادي والأمني لأستانا.
ويُعد ممر بحر قزوين رابطاً هشاً يعرّض كازاخستان لمخاطر استراتيجية كبيرة، فالاعتماد على البنية التحتية الروسية يفتح الباب أمام لوائح غير متوقعة، مثل انقطاعات نقل، ونفوذ سياسي من موسكو.
ولم تعد التهديدات "نظرية"، ففي فبراير/ شباط الماضي، هدّدت غارة بطائرة مسيرة على محطة ضخ كروبوتكينسكايا بخفض الإنتاج، تلاها في الصيف إصدار جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قواعد جديدة لتخليص الناقلات، مما أضاف عقبات بيروقراطية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أدّى هجوم آخر على محطة أورينبورغ لمعالجة الغاز إلى تعطيل تصدير الغاز مؤقتاً. ورغم حياد كازاخستان الرسمي، إلا أن هذه الحوادث تكشف عن تأثير الحرب الهجينة وعدم الاستقرار عبر الحدود، حيث قد تؤدي ضربات إضافية إلى خسائر بمليارات الدولارات.
بديل "الدعم الصامت"
ويرى تقرير "ناشيونال إنترست" أن التنويع بات ضرورة أمنية وطنية، لا مجرد استراتيجية اقتصادية، وبديلاً آمناً يقدمه خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، الذي فكرت فيه كازاخستان قبل عقدين ثم تراجعت.
ويتوفر اليوم طريق خالٍ من روسيا من بحر قزوين إلى البحر الأبيض المتوسط، مروراً بميناء جيهان التركي، لربط النفط بالأسواق الأوروبية وإسرائيل، وهو ما يتوافق مع جهود الغرب لتقليل الاعتماد على ممرات روسية، ويقلل تكاليف التأمين واللوجستيات مقارنة بطريق البحر الأسود المزدحم.
وفنياً، يمكن لخط النقل عبر بحر قزوين، عبر ناقلات أو خط أنابيب بحري مستقبلي، مناولة 50-60 مليون طن سنويًا، مما يمنح كازاخستان سيطرة أكبر على صادراتها ويضمن استمرار إمدادات النفط إلى أوروبا وخارجها.
لكن هذا، وفق "ناشيونال إنترست"، يتطلب من أمريكا تحويل دعمها "الصامت" إلى فعّال مالياً ودبلوماسياً واستراتيجياً. مبادرة C5+1 المعنية بدول آسيا الوسطى الخمس، أن توفر إطاراً جاهزاً لتشجيع المؤسسات المالية الدولية على تمويل دراسات الجدوى، وإطلاق فرق عمل تركز على أمن البنية التحتية، المرونة السيبرانية، وتأمين المسارات الغربية.
وبينما ستكون شركات الطاقة الغربية المستثمرة في الحقول الكبرى مدعوة لتوجيه رأس المال نحو توسيع موانئ أكتاو وكوريك، وتعزيز أنظمة الطاقة المحلية، فإن أستانا ستكون مطالبة بتسريع العملية بتهيئة شروط تنظيمية واضحة، وتشكيل مجموعة عمل مشتركة مع أذربيجان وتركيا، وإنشاء مجلس وطني لتنويع الطاقة لتعزيز ثقة المستثمرين.
ويخلُص تقرير "ناشيونال إنترست" إلى أن هذا التحول ليس مجرد أمر تجاري، بل يحدد مكانة كازاخستان في أمن الطاقة العالمي، وبدعمه، تحمي أمريكا استثماراتها وتقلل من نفوذ روسيا، وتعزز شراكة مربحة.












